الجاهل معذور بما يقوله أو يفعله مما يكون كفرًا، بدليل الكتاب والسنة والاعتبار
لفضيلة أ د الشيخ أحمد بازمول حفظه الله
قال العلامة
محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى :"هذه المسألة - أعني مسألة العذر
بالجهل - مسألة عظيمة شائكة، وهي من أعظم المسائل تحقيقًا وتصويرًا.
فمن الناس من
أطلق وقال: لا يعذر بالجهل في أصول الدين كالتوحيد، فلو وجدنا مسلمًا في بعض القرى
أو البوادي النائية يعبد قبرًا أو وليًا، ويقول: إنه مسلم، وإنه وجد آباءه على هذا
ولم يعلم بأنه شرك فلا يعذر.
والصحيح
أنه لا يكفر؛ لأنَّ أول شيء جاءت به الرسل هو التوحيد، ومع ذلك قال تعالى: âوَمَا
كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًاá
فلا بد أن يكون الإنسان ظالمًا، وإلا فلا يستحق العذاب ... ولكن قد لا يعذر
الإنسان بالجهل، وذلك إذا كان بإمكانه أن يتعلم ولم يفعل، مع قيام الشبهة عنده،
كرجل قيل له: هذا محرم، وكان يعتقد الحل، فسوف تكون عنده شبهة على الأقل، فعندئذ
يلزمه أن يتعلم ليصل إلى الحكم بيقين.
فهذا ربما لا
نعذره بجهله؛ لأنه فرط في التعليم، والتفريط يسقط العذر، لكن من كان جاهلًا، ولم
يكن عنده أي شبهة، ويعتقد أن ما هو عليه حق، أو يقول هذا على أنه الحق، فهذا لا شك
أنه لا يريد المخالفة ولم يرد المعصية والكفر، فلا يمكن أن نكفره حتى ولو
كان جاهلًا بأصل من أصول الدين، فالإيمان بالزكاة وفرضيتها أصل من أصول الدين، ومع
ذلك لا يكفر الجاهل.
وبناء على هذا
يتبين حال كثير من المسلمين في بعض الأقطار الإسلامية الذين يستغيثون بالأموات،
وهم لا يعلمون أن هذا حرام، بل قد لبس عليهم أن هذا مما
يقرب إلى الله، وأن هذا ولي لله وما أشبه ذلك، وهم معتنقون للإسلام، وغيورون عليه،
ويعتقدون أن ما يفعلونه من الإسلام، ولم يأتِ أحد ينبههم، فهؤلاء معذورون، لا
يؤاخذون مؤاخذة المعاند الذي قال له العلماء: هذا شرك، فيقول: هذا ما وجدت عليه
آبائي وأجدادي، فإن حكم هذا الأخير حكم من قال الله تعالى فيهم: âإِنَّا
وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَá".
الشرح الممتع
على زاد المستقنع (6/193-194).
أخوكم
أحمد بن عمر بازمول
حمل الملف | |
File Size: | 96 kb |
File Type: |