دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بـطوبى
لفضيلة أ د الشيخ أحمد بازمول حفظه الله
بــــــــــــــ:"طوبى"
إعداد
أد. أحمد بن عمر بن سالم بازمول
جامعة أم القرى – كلية الدعوة وأصول الدين
قسم الكتاب والسنة – الدراسات العليا
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } .
إن
أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة
وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما
بعد:
فهذه
رسالة مختصرة جمعت فيها ما وقفت عليه مما صح وثبت من دعاء النبي ﷺ عليه وسلم
بـــ:"طوبى".
وطوبى:
دعاء بدخول الجنة وما فيها من خير وحياة طيبة.
ومن
الخير الذي في الجنة شجرة طوبى.
وقد
ورد هذا الدعاء في قول الله سبحانه وتعالى {الَّذِينَ آمَنُوا
وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ
(28) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ
(29)}
أَيْ:
أن علامة المؤمن أن يطيب قلبه بذكر الله وَيرْكَن إِلَى جَانِبِ اللَّهِ، وَيسْكُن
عِنْدَ ذِكْرِهِ، وَيرْضَى بِهِ مَوْلًى وَنَصِيرًا؛ فهُوَ حَقِيقٌ بِذَلِكَ فلا
تطمئن لشيء سواه.
وقوله
{طُوبَى لَهُم} أي : فَرَحٌ وقُرة عَيْنٍ. ونعم ما
لهم. وصاحبها أَصاب خَيْرًا.
ومن
الخير والحياة الطيبة شجرة طوبى التي في الجنة، التي يسير الراكب في ظلها مائة عام
ما يقطعها قال ﷺ :"طوبى شجرة في الجنة مسيرة مائة عام
ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها".
وقال عُتْبة
بن عبدٍ رضي الله عنه : جاءَ أعْرابيٌّ إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسولَ الله! فيها
فاكهَةٌ؟ قال:"نعم، وفيها شَجرةٌ تُدعى طُوبى، هي تطابِقُ
الفِرْدَوْسَ". فقال: أيَّ شَجرِ أرْضِنا تُشْبِهُ؟ قال:"ليسَ تشْبِهُ شيئاً منْ شجرِ أرْضِكَ، ولكن أتَيْتَ الشامَ؟ ".
قال: لا يا رسولَ الله! قال:"فإنَّها تُشبِهُ شجرةً بالشامِ
تُدعى (الجَوْزَة)، تَنْبت على ساقٍ واحدٍ، ثم ينتشِرُ أعْلاها". قال:
فما [عِظم] أصلها؟ قال :"لو ارتحلَتْ جَذعةٌ مِنْ إبلِ
أهْلِك، لما قَطعتْها حتى تنْكَسِر تَرْقُوَتُها هَرمًا". قال: فيها عِنَبٌ؟
قال :"نعم". قال: فما عِظَمُ العُنْقودِ
مِنْها؟ قال:"مسيرَةُ شهرٍ للْغُرابِ الأَبْقَع، لا يقَعُ
ولا ينْثَني ولا يفْتُر" ....
وقال
أبو سعيد رضي الله عنه :"خلق الله تبارك وتعالى الجنةَ لَبنةً من ذهب، ولَبِنَةً
من فِضّةٍ، وملاطُها المسكُ، وقالَ لها: تكلمي، فقالت: {قَدْ
أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}، فقالتَ الملائكةُ: طوبى لك منزل الملوك".
فطوبى:
دعاء بدخول الجنة وما فيها من خير وحياة طيبة.
ودعا
النبي ﷺ بها في عدة أمور :
1-
فدعا بها للغرباء :
قال ﷺ :"إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا
كما بدأ فطوبى للغرباء".
وقال ﷺ
:"طوبى للغرباء أناس صالحون في أناس سوء كثير من يعصيهم
أكثر ممن يطيعهم".
فالمؤمن
المتمسك بدينه يأتي عليه زمان يكون غريبًا منفردًا قال ﷺ :"يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر".
2-
ودعا لمن آمن به ولم يره :
قال ﷺ :"طوبى لمن رآني وآمن بي ثم طوبى
ثم طوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني".
3-
ودعا لمن هدي للإسلام وزهد في الدنيا:
قال ﷺ :"طوبى لمن هدي للإسلام وكان عيشه
كفافًا وقنع به".
وقال
ﷺ :"قد أفلح من أسلم ورُزِقَ كفافاً، وقنَّعه الله بما
آتاه".
والكفاف
: ما كَفَّ ومنع عن سؤال وطلب الناس مع القناعةِ فلا يزيد على قدر الحاجة.
وقال
ﷺ :"تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة إن أعطي
رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل
الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان
في الساقة إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع".
4-
ودعا ﷺ لمن كان مصلحًا ونافعًا للناس في دينهم ودنياهم:
قال ﷺ :"إن من الناس ناسًا مفاتيح للخير
مغاليق للشر وإن من الناس ناسًا مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى لمن جعل الله مفاتيح
الخير على يديه وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه".
وقال
ﷺ :"عند الله خزائن الخير والشر مفاتيحها الرجال فطوبى
لمن جعله الله مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر وويل لمن جعله الله مفتاحًا للشر مغلاقًا
للخير".
الخير
كلّ ما فيه نفع عاجلًا أو آجلًا؛ في الدين أو الدنيا كالعلم والإيمان وإعطاء سائل وقضاء
حاجة محتاج وإرشاد ضال وتعليم جاهل وأبواب الخير كثيرة جدًا.
فمن
الناس مفتاحًا للخير الواصل إلى الناس فيكون سببًا أو واسطة في ذلك فالله أجرى على
أيديهم فتح أبواب الخير؛ بأن جاد على الناس من علمه، وعمله، وحاله، وماله، ويصلح
بين الناس في أمور دينهم ودنياهم .
والشر
كلّ ما فيه ضرر إما عاجلًا أو آجلًا؛ في الدين أو الدنيا كالشرك، والبدع والمعاصي
فمن
الناس مفتاحًا للشر الواصل إلى الناس أي: للشر الواصل إلى الناس فيكون سببًا أو
واسطة في ذلك فتجرى على أيديهم فتح أبواب الشر؛ بأن يضل الناس عن الحق، أو يوقعهم
في البدع المحدثات، والتفريق بين الزوجين أو الأهل أو الإخوان .
5-
ودعا ﷺ لمن ملك لسانه ولزم بيته وبكى على ذنوبه :
قال ﷺ :" طوبى لمن ملك لسانه ووسعه بيته
وبكى على خطيئته".
وقال
ﷺ :"مَنْ يَضْمَنْ لي ما بَيْنَ لَحْيَيْهِ وما بين رِجْلَيْهِ؛
أضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ".
وقال
عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه :"والذي لا إله غَيْرُه ما على ظَهْرِ الأرْضِ
شيْءٌ أحْوَجُ إلى طولِ سَجْنٍ مِنْ لِسَانٍ".
6-
ودعا لمن طال عمره وحسن عمله :
قال ﷺ
:"طوبى لمن طال عمره وحسن عمله".
فمن
داوم على الطاعة على سنة وهدي فطوبى له.
7-
ودعا ﷺ لمن استغفر الله كثيرًا :
قال ﷺ
:"طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا".
وقال
ﷺ :"من أحب أن تسرَّه صحيفته؛ فليكثر فيها من الاسْتغفار".
8-
ودعا ﷺ لمن قاتل الخوارج مع ولي الأمر أو قتله الخوارج:
قال ﷺ
:"سيكون في أمتي اختلاف وفرقة قوم يحسنون القيل ويسيئون
الفعل يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية لا يرجعون
حتى يرتد على فوقه هم شرار الخلق والخليقة طوبى لمن قتلهم وقتلوه يدعون إلى كتاب الله
وليسوا منه في شيء من قاتلهم كان أولى بالله منهم سيماهم التحليق".
9- ودعا ﷺ لمن أدرك طيب العيش بعد نزول عيسى
عليه الصلاة والسلام في آخر زمان :
قال ﷺ
:"طُوبَى لِعَيْشٍ بَعْدَ المَسِيحِ يُؤْذَنُ لِلسَّمَاءِ
فِي الْقَطْرِ وَيُؤْذَنُ لِلأَرْضِ فِي النَّبَاتِ حَتَّى لَوْ بَذَرْتَ حَبَّكَ عَلَى
الصَّفَا لَنَبَتَ وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ عَلَى الأَسَدِ فَلاَ يَضُرُّهُ وَيَطَأُ
عَلَى الحَيَّةِ فَلاَ تَضُرُّهُ وَلاَ تَشَاحَّ وَلاَ تَحَاسُدَ وَلاَ تَبَاغُضَ".
قوله (طوبى لعيش بعد المسيح) أي بعد نزول عيسى إلى الأرض في آخر
الزمان
وقوله
(يؤذن السماء في القطر) أي تمطر
وقوله
(ويؤذن للأرض في النبات) فتنبت نباتا حسنا.
والمعنى
أن النقص الحاصل في الأموال والثمرات والحسد والبغضاء بسبب المعاصي والذنوب فإذا طهرت
الأرض من الذنوب والمعاصي أخرجت بركتها وخيراتها.
فاحرصوا
على الخيرات والطاعات وتجنبوا المعاصي والسيئات فالدنيا فانية والآخرة خير وأبقي
ولا تفتنوا بالدنيا وزينتها .
حمل الملف | |
File Size: | 221 kb |
File Type: |