16 سلسلة احذر أيها السلفي
لفضيلة أ د الشيخ أحمد بازمول حفظه الله
احذر أيها السلفي :
أن تعتبر أن نشر السنة المتعلقة
بحقوق ولي الأمر من السمع والطاعة لولي الأمر، واحترامه، ووجوب الصبر وتحريم
الخروج عليه، والدعاء له، أو الدفاع عن ولي الأمر القائم أنه من الغلو في ولي
الأمر، أو أنه من مدحه بما ليس فيه أو تسيء الظن بمن يفعله !!!
عن أَبَي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم :"مَنْ
أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ
يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي"([1]).
قَالَ
الْعُلَمَاءُ: تَجِبُ طَاعَةُ وُلَاةِ الْأُمُورِ فِيمَا يَشُقُّ وَتَكْرَهُهُ
النُّفُوسُ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ فَإِنْ كَانَتْ لِمَعْصِيَةٍ
فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ، والأثرة هِيَ الِاسْتِئْثَارُ وَالِاخْتِصَاصُ
بِأُمُورِ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ أَيْ اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اخْتَصَّ
الْأُمَرَاءُ بِالدُّنْيَا وَلَمْ يُوصِلُوكُمْ حَقَّكُمْ مِمَّا عِنْدَهُمْ.
ودلت
الْأَحَادِيثُ على الْحَثِّ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي جَمِيعِ
الْأَحْوَالِ وَسَبَبُهَا اجْتِمَاعُ كَلِمَةِ المسلمين فإن الخلاف سبب لفساد أحوالهم
فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ([2]).
فكيف
يصف مسلم : العمل بالسنة النبوية، وما دلت عليه الآثار السلفية بأنه غلو، أو من
المدح المذموم !!!؟؟
وقال
مُعَاذ t :"عَهِدَ إِلَيْنَا
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَمْسٍ مَنْ فَعَلَ مِنْهُنَّ كَانَ
ضَامِنًا عَلَى اللَّهِ – وذكر منها - :"أَوْ دَخَلَ عَلَى إِمَامٍ يُرِيدُ
بِذَلِكَ تَعْزِيرَهُ وَتَوْقِيرَهُ"([3]).
وقال
معاوية t :"لما خرج أبو ذر t إلى الربذة لقيه ركب من
أهل العراق فقالوا يا أبا ذر قد بلغنا الذي صنع بك فاعقد لواء يأتيك رجال ما شئت .
فقال : مهلًا ، مهلًا يا أهل الإسلام فإني سمعت رسول الله r يقول :" سيكون بعدي
سلطان فأعزوه ، من التمس ذله ثغر ثغرة في الإسلام ولم يقبل منه توبة حتى يعيدها
كما كانت "([4]).
وتعزير
الإمام وتوقيره : تعظيمه، وإجلاله، واحترامه، والقيام بحقوقه، وإعانته، ونصرته؛ "يعرف
لَهُ عَظِيم حَقه، وَمَا يجب من تَعْظِيم قدره، فيعامل بِمَا يجب لَهُ من الاحترام
وَالْإِكْرَام، وَمَا جعل الله تَعَالَى لَهُ من الإعظام، وَلذَلِك كَانَ
الْعلمَاء الْأَعْلَام من أَئِمَّة الْإِسْلَام يعظمون حرمتهم، ويلبون دعوتهم مَعَ
زهدهم وورعهم وَعدم الطمع فِيمَا لديهم"([5]).
وقال
السعدي :"من إجلال الله إجلال السلطان المقسط"([6]).
وعَنْ نَافِعٍ، قَالَ: لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ المَدِينَةِ
يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ، حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ، فَقَالَ:
إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :"يُنْصَبُ لِكُلِّ
غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ".
قال عبدالله بن عمر: وَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا
هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي لاَ أَعْلَمُ غَدْرًا
أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يُبَايَعَ رَجُلٌ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ
يُنْصَبُ لَهُ القِتَالُ، وَإِنِّي لاَ أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْكُمْ خَلَعَهُ، وَلاَ
بَايَعَ فِي هَذَا الأَمْرِ، إِلَّا كَانَتِ الفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ"([7]).
قوله "حشمه" قال ابن التين الحشمة
العصبة والمراد هنا خدمه ومن يغضب له.
وقوله "إلا كانت الفيصل بيني وبينه"
أي القاطعة من فصل الشيء إذا قطعه.
وفي
هذا الحديث وجوب طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة والمنع من الخروج عليه ولو جار
في حكمه وأنه لا ينخلع بالفسق([8]).
وقال
عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال رَسُولُ اللَّهِ r :"الإِمَامُ رَاعٍ
وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ"([9]).
وقالت
عائشة رضي الله عنها قال رَسُولُ اللَّهِ r :"السُّلْطَانُ
وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ"([10]).
فولي
الأمر رجل تولى أمور رعيته وقد بذل نفسه ووقته لرعاية مصالح شعبه، وتوفير سبل
الراحـة لهم، ودفع المخاطر والسوء عنهم بإذن الله تعالى؛ فالواجب علينا تقديره
واحترامه، والذب عنه، بل ومحبته لما يقوم به من الأعمال الشاقة والمسئولية
الكاملة.
قال
ابن قيم الجوزية :"عوتب ابن عقيل في تقبيل يد السلطان حين صافحه !
فقال
: أرأيتم لو كان والدي فعل ذلك فقبلت يده أكان خطأً أم واقعًا موقعه ؟
قالوا
: بلى .
قال
: فالأب يربي ولده تربية خاصة، والسلطان يربي العالم تربية عامة فهو بالإكرام
أولى"([11]).
وعَنْ
عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :"خِيَارُ
أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ
عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ
تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ"([12]).
قال
إسحاق بن راهوية :"السنة عليه، وفيها هلاك المرجئة"([13]).
وقال
القرطبي :"أي: تدعون لهم في المعونة على القيام بالحق والعدل، ويدعون لكم في
الهداية والإرشاد وإعانتكم على الخير، وكل فريق يحب الآخر لما بينهم من المواصلة
والتراحم والشفقة والقيام بالحقوق ... ونقيض ذلك في الشرار لترك كل فريق منهما
القيام بما يجب عليه من الحقوق للآخر ولاتّباع الأهواء والجَورِ والبُخل والإساءة،
فينشأ عن ذلك التباغض والتَّلاعن وسائر المفاسد"([14]).
وقال
الشوكاني :"فيه دليل على مشروعية محبة الأئمة والدعاء لهم، وأن من كان من
الأئمة محبًا للرعية ومحبوبًا لديهم وداعيًا لهم ومدعوًا له منهم فهو من خيار
الأئمة، ومن كان باغضًا لرعيته مبغوضًا عندهم يسبهم ويسبونه فهو من شرارهم، وذلك
لأنه إذا عدل فيهم وأحسن القول لهم أطاعوه وانقادوا له وأثنوا عليه، فلما كان هو
الذي يتسبب بالعدل وحسن القول إلى المحبة والطاعة والثناء منهم كان من خيار
الأئمة، ولما كان هو الذي يتسبب أيضا بالجور والشتم للرعية إلى معصيتهم له وسوء
القالة منهم فيه كان من شرار الأئمة"([15]).
وقال
العثيمين :"الأئمة الذين قاموا بما يجب عليهم محبوبون لدى رعيتهم ...
إذاً
الأئمة ينقسمون إلى قسمين:
قسم
وفقوا وقاموا بما يجب عليهم فأحبهم الناس وأحبوا الناس، وصار كل واحد منهم يدعو
للآخر.
وقسم
آخر بالعكس شرار الأئمة، يبغضون الناس والناس يبغضونهم، ويسبون الناس والناس
يسبونهم. "([16]).
وقال
محمد أمان الجامي :"ما يقوله بعض السفهاء في بعض طلاب العلم أن كل من يذكر
الحكام بخير أو يدعو لهم أو يقول : إنها دولة إسلامية ؛ أنه من العملاء ومن كذا
وكذا !
هذا
كلام لا ينبغي أن يلتفت إليه !!
كلام
ساقط لا يقوله إلا الساقطون !!!
نحن
لا نخفي الولاء ، نعلن بالولاء ، فيجب أن نعلن ـ نحمد الله ـ أن كنا في ولاء حكام
مسلمين لا نبالي من هذه الأقوال الرخيصة ولا نلتفت إليها وهكذا يجب على طلاب العلم
وأهل الفضل أن لا يلتفتوا إلى مثل هذه الكلمات الساقطة وأن يكونوا صرحاء في الدعوة
للحكام ومحاولة التقريب بين الراعي والرعية ؛ ليتحابوا ويتعاونوا هذا الذي ندين
الله به"([17]).
وقال
العثيمين :"الله ، الله في فهم منهج السلف الصالح في التعامل مع السلطان وأن
لا يتخذ من أخطاء السلطان سبيلًا لإثارة الناس وإلى تنفير القلوب عن ولاة الأمور
فهذا عين المفسدة وأحد الأسس التي تحصل بها الفتنة بين الناس كما أن ملء القلوب
على ولاة الأمر يحدث الشر والفتنة والفوضى فإذا حاول أحد يقلل من ولاة الأمر ضاع
الأمن ؛ لأن الناس إن تكلم الأمراء تمردوا على كلامهم وحصل الشر والفساد"([18]).
وقال
صالح الفوزان :"نحن - ولله الحمد - على ثقة من ولاة أمرنا وعلى ثقة من المنهج
الذي نسير عليه وليس معنى هذا أننا قد كملنا وأن ليس عندنا نقص ولا تقصير بل عندنا
نقص ولكن نحن في سبيل إصلاحه وعلاجه - إن شاء الله - بالطرق الشرعية.
أما
أننا نتخذ من العثرات والزلات سبيلًا لتنقص ولاة الأمور أو الكلام فيهم أو تبغيضهم
إلى الرعية فهذه ليست طريقة السلف أهل السنة والجماعة .
أهل
السنة والجماعة يحرصون على طاعة ولاة أمور المسلمين وعلى تحبيبهم للناس وعلى جمع
الكلمة هذا هو المطلوب . والكلام في ولاة الأمور من الغيبة والنميمة وهما من أشد
المحرمات بعد الشرك لا سيما إذا كانت الغيبة للعلماء ولولاة الأمور فهي أشد لما
يترتب عليها من المفاسد من تفريق الكلمة وسوء الظن بولاة الأمور وبعث اليأس في
نفوس الناس والقنوط"([19]) .
وقال
صالح الفوزان أيضًا :"الدعاء لولاة أمور المسلمين بالتوفيق والصلاح من منهج
أهل السنة والجماعة، وتركه من منهج المبتدعة ... وقد تركت هذه السنة حتى صار الناس
يستغربون الدعاء لولاة الأمور ويسيئون الظن بمن يفعله"([20]).
فاحذر
أيها السني ذا النهج الواضح من مسالك الخوارج وطرائقهم في بغض ولي الأمر، أو عدم
محبة اجتماع الكلمة عليه بصورة أو أخرى، فإن هذا باب فتنة وشر، وليس من السلفية في
شيء.
قال
ابن قيم الجوزية :"لزوم جماعتهم مما يطهر القلب من الغل والغش؛ فإن
صاحبه - للزومه جماعة المسلمين – يحب لهم
ما يحب لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لها ، ويسوؤه ما يسوؤهم ، ويسره ما يسرهم .
وهذا
بخلاف من انحاز عنهم واشتغل بالطعن عليهم والعيب والذم ، كفعل الرافضة والخوارج
والمعتزلة وغيرهم ؛ فإن قلوبهم ممتلئة غلًا وغشًا ،ولهذا تجد الرافضة أبعد الناس
من الإخلاص ، وأغشهم للأئمة والأمة ،وأشدهم بعدًا عن جماعة المسلمين.
فهؤلاء
أشد الناس غلًا وغشًا بشهادة الرسول r والأمة عليهم ، وشهادتهم
على أنفسهم بذلك ؛ فإنهم لا يكونون قط إلا أعوانًا وظهرًا على أهل الإسلام ، فأي
عدو قام للمسلمين كانوا أعوان ذلك العدو وبطانته .وهذا أمر قد شاهدته الأمة منهم ،
ومن لم يشاهده فقد سمع منه ما يصم الآذان ويشجي القلوب"([21]).
وإني
لأعجب ممن لا يحرك ساكنًا إذا طعن في ولاة الأمر، أو لمزوا بما ليس فيهم، أو
تنقصوا، ثم لا يرضى الذب عنهم، أو ذكر السنة المتعلقة بهم ويدعي أن هذا المسلك
الخارجي من منهج السلف وهو في حقيقة الأمر من منهج الخوارج.
ومن
العجائب أنه قد يذكر بعض شيوخه بأوصاف هي للغلو وللمدح المذموم أقرب وأليق
وإذا
رد على خطأ شيخه بالحق غضب وأزبد وكاد ينفجر وتزهق روحه
فلا
إله إلا الله كيف تتجارى الأهواء بأصحابها .
ولا
حول ولا قوة إلا بالله .

حمل الملف | |
File Size: | 300 kb |
File Type: |