صيانة السلفي من وسوسة وتلبيسات علي الحلبي | الحلقة الخامسة عشرة
لفضيلة الشيخ أ د أحمد بازمول حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدأن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةبدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فقد ذكرت في التحذير السلفي سبع ملاحظات على كتاب الحلبي المسمى بـمنهج السلف الصالح وهي :
1- تأصيل وتقعيد قواعد على خلاف منهج السلف الصالح في التعامل مع أهل البدع والأهواء.
وبيانها مع ردها من الحلقة الأولى إلى الرابعة .
2- الطعن في علماء السلفية الذين لا يشك أحد في علمهم وورعهم وتقواهم فيما يظهر لهم بأسلوب ماكر، فهو لم يذكرهم بأسمائهم ولكن ذكر أموراً يعرف كل سلفي أنها لهم، وأخذ يفسرها ويهول فيها على خلاف الحق.
وبيانها مع ردها من الحلقة الخامسة إلى التاسعة .
3- طعنه في الشباب السلفي ووصفهم في هذا الكتاب وفي غيره بأوصاف لم يصفهم بها أهل البدع والأهواء .
وبيانها مع ردها في الحلقة العاشرة والحادية عشرة .
4- دفاعه عن جمعية إحياء التراث وجمعية البر بدبي دفاعاً مستميتاً .
وبيانها مع ردها من الحلقة الثانية عشرة إلى الرابعة عشرة .
5- ما اشتمل عليه الكتاب من دسائس خبيثة يحاول فيها مسوده - سود الله وجوه أهل البدع – ضرب السلفيين بعضهم ببعض، وضرب السلفيين بولاة أمرهم .
6- ما اشتمل عليه الكتاب من شدته على السلفيين، وخنوعه وتماوته ورحمته وشفقته على أهل البدع والأهواء .
وهاتان الملاحظتان قد سبق في الحلقات ما يثبتهما ويدلل عليهما وسأكتفي بما أوردته في تلكم الحلقات .
7- وأما الملاحظة الأخيرة فهي : الثناء والتمجيد لأهل البدع ويصفهم بالموحدين فهو وإن لم يذكرهم بأسمائهم إلا أنه معروف عنه الدفاع عنهم والثناء عليهم في مجالسه وفي أشرطته من أمثال عدنان عرعور والمغراوي والمأربي ومحمد حسان وغيرهم.
وهي من أهم هذه الملاحظات وعليها مدار الخلاف مع الحلبي ومن أجلها قعّد قواعده الفاسدة وطعن في بعض العلماء السلفيين والشباب السلفي!
ورد هذه الملاحظة سيكون إن شاء الله تعالى في هذه الحلقة وما بعدها .
وقبل البدء في مناقشة الحلبي في ثنائه وتزكيته لأهل البدع، رأيت أنه ينبغي تقديم مناقشة الحلبي في القواعد التي سلكها لهذه التزكيات، فمسألة تزكية أهل البدع عند الحلبي هي لب الصراع بينه وبين العلماء السلفيين؛ ولأجلها قعّد القواعد، وطعن في السلفيين علماء وطلاباً، وأثنى على خصوم السلفيين، لذا هذه المسألة هي بحق المعركة الفاصلة بين الحق والباطل في خلاف السلفيين مع الحلبي .
وقد بنى الحلبي تزكيته وحمايته لأهل البدع بل ولحرب أهل السنة على عدة قواعد :
1- التفريق بين المنهج والعقيدة بحيث لا يؤثر اختلاف المنهج إذا صحت العقيدة في زعمه ! وهيهات أن تصح العقيدة مع فساد المنهج .
2- تهويشه على الجرح المفسر ومخالفته فيه لأهل السنة والحديث، ولا سيما العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى الذي يحاول الحلبي دائماً أن يلتصق به وبينهما مسافات سحيقة عميقة .
3- اشتراط الإجماع على التبديع؛ فلا يبدع أحد إلا إذا تم الإجماع على تبديعه .
4- رد أخبار الثقات - التي دل الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح على وجوب قبولها - ؛ لإبطال جرح أهل البدع .
5- التثبت؛ لرد الحق والثبات على الباطل .
6- أصل لا يلزمني؛ لرد الحق ولو جئت بالحجج والبراهين .
7- أصل لا يقنعني ولو جئتهم بالحجج والبراهين .
8- نصحح ولا نجرح.
9- لا نجعل خلافنا في غيرنا سبباً للخلاف بيننا.
فهذه الأصول وغيرها ما هي إلا أسلحة لأهل البدع والأهواء اخترعت لحرب أهل السنة وتأليب أهل البدع والسفهاء على السنة وأهلها . ومقابلة ومواجهة لأصول أهل السنة في التجريح والتعديل وذلك من أنواع تجريد أهل السنة من أسلحة الحق التي يحمى بها الحق ويدفع بها عن الباطل .
وقد سبق مناقشته في هذه القواعد الباطلة إلا القاعدتين الأخيرتين، وهي بحاجة لكشف باطلها، وبيان عوارها ومخالفتها لمنهج السلف الصالح قبل مناقشة الحلبي في تزكيته لأهل البدع والأهواء .
عودٌ على بدء :
وإني أحمد الله تعالى على تلقي الشباب السلفي لهذه الحلقات بالقبول لما فيها من الحجة والبرهان، وعدم التعصب لأحد، إتباعاً للكتاب والسنة وسيراً على منهاج السلف الصالح رضوان الله عليهم في الرد على المخالف والتحذير منه، ورد الباطل على قائله كائناً من كان .
وما هذه الحلقات إلا بفضل الله تعالى أولاً وآخراً ثم من ثمرة جهود علمائنا السلفيين المخلصين الذين علمونا المنهج السلفي الصحيح، وحفظوه لنا من التبديل أو التحريف أو التعطيل فجزاهم الله عنَّا جميعاً خيراً .
ولا أطيل عليك أخي القارئ فإليك البيان من كلام الحلبي مع مناقشته بالحجة والبرهان :
أولاً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (75) حاشية رقم (3) : ( الاختلافَ في التبديعِ -في إطارِ (أهل السُّنَّة)- اختلافٌ سائغٌ؛ لا يُوجِبُ هجراً، ولا إسقاطاً، ولا تبديعاً...) .
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- لم يستطع الحلبي أن يصرّح بمخالفته لمنهج السلف؛ لأنه يريد أن يظل سلفياً مع كل مخالفاته ومحاربته لمنهج السلف؛ ليضلّل أكبر عدد ممكن من السلفيين، فهذا ما تريده جمعية إحياء التراث الإسلامي وأهل الأهواء الذين همّهم ضرب المنهج السلفي ورجالاته الأفذاذ .
- ومنهج الحلبي الجديد مبني على المغالطة والتفلسف، وهذا الكلام منه من أمثلة ذلك، فيجعل الحق باطلاً والباطل حقاً ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد مرّت معنا في حلقات الصيانة كثير من مغالطاته .
- فالحلبي يدّعي هنا أن اختلافه مع السلفيين فيمن يزكيهم من أهل البدع : هو من باب اختلاف أهل السنة، الاختلاف السائغ الذي لا تترتب عليه أحكام الهجر والتبديع إلى آخره.
- وفي الواقع أن الحلبي يعلم حال أولئك الذين يدافع عنهم ويثني عليهم ويماحل عنهم بالباطل ولا أدلّ على ذلك من عدة أمور تكشف حال الحلبي وأنه يتلاعب بهذه التزكيات :
أولاً : الحلبي يجالسهم ومطلّع على حالهم كما يصرّح ويفتخر بذلك فقد وقف مباشرة على ما عندهم من ضلالات .
ثانياً : أن الحلبي قد صدر منه سابقاً طعن وقدح لمن يزكيهم الآن كقوله في محمد حسان بأنه قطبي مع أن حالهم الآن أشد من السابق .
ثالثاً : أن العلماء الذين زكّوا بعض المبتدعة لما تبيّن لهم حالهم طعنوا فيهم وتراجعوا عن تزكيتهم ويدل عليه حال الإمام أحمد في ابن حميد حيث كان يثني عليه، فلما وقف على حاله تكلّم فيه وجرحه كما سبق في الحلقة الثالثة .
رابعاً : أن هؤلاء الذين يدافع عنهم الحلبي حالهم ليس ملتبساً بالنسبة له بخلاف بعض أهل العلم الذين اطّلعوا على ما عدّلوا لأجله، ولم يطّلعوا على أسباب الجرح، وهذا يقع للأئمة الكبار .
ثم يقال للحلبي :
هل أهل السنة يختلفون في من كان منهجهم قطبياً سرورياً إخوانياً ...
هل يختلف أهل السنة إذا ثبت لديهم في رجل يثني على أهل البدع ويدافع عنهم إلى غير ذلك من المخالفات مما سيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى .
ثانياً : قال الشيخ العلامة ربيع المدخلي في النصيحة كما في ما سماه الحلبي بــمنهج السلف الصالح (197)
( وَمِمَّا جُرِحَ بِهِ عِكْرِمَةُ أنَّهُ عَلَى مَذْهَبِ الصُّفرِيَّةِ الخَوَارِج.
وَقَد جَرَحَهُ بِذلِكَ بَعْضُ الأَئِمَّةِ - ولَمْ يَقْبَلِ البُخَارِيُّ جَرْحَهُمْ؛ لِضَعْفِ حُجَّتِهِمْ )
وعلّق الحلبي عليه في حاشية (رقم4) بقوله :
فَثَمَّةَ حُجَّةٌ -إِذَن-؛ لَكِنَّ البُخارِيَّ اسْتَضْعَفَها!!
فَهَلْ إِذَا تَكَرَّرَ هَذا الاختلافُ -قَبُولاً ورَدًّا- فِي تَارِيخِ عَالَمِ النَّقْد-أَو الجَرْح- حاضراً، أو مُستقبَلاً- يَكُونُ سَبَباً فِي الخُصُومَةِ، أَو الإِسْقَاط، أَو التَّنَازُع بَيْنَ هَؤُلاء المُخْتَلِفِينَ أَنْفُسِهِم -وهُم على منهجٍ صدق واحِد، واعتقادٍ واحِد حق -؟!
وَهَل لَـمَّا خَالَفَ البُخَارِيُّ -فِي ذَا- مَنْ خَالَفَ -مِمَّن جَرَحَ وَطَعَن-؛ كَانَ ذَلِكَ سَبَباً فِي إسْقَاطِ البُخَارِيِّ مع الإقرار بالفارق ! أَو اسْتِئْصَالِه، أَو الطَّعْنِ بِه؟!
مَعَ التَّذْكِيرِ أَنَّ مَوْضُوعَ الإِمَامِ البُخارِيِّ -هُنا- مَوْضُوعٌ عَقَائِدِيٌّ!!
وهذا عينُ ما أُكرِّرُهُ -دائماً- وقد انْتَقَدَهُ عَلَيَّ (بعضُ الناس!) -بغير حَقٍّ-: (لا نَجْعَلُ اختلافَنا في غيرِنا سَبَباً للخِلافِ بينَنا)...
وجَلِـيٌّ -جِدًّا- أنَّ مُرادِي بـ(اختلافنا)؛ أي: أهل السُّنَّة، ودُعاة مَنهج السَّلَف.
"ولهذا نرى العلماء مع اختلافهم الشديد في بعض المسائل لا يضلل بعضهم بعضاً ولا يبدع بعضهم بعضاً"
كما في صلاة التراويح (ص36-37) لشيخنا الإمام الهمام
وقال الشيخ ربيع بن هادي أعانه الله في بعض مقالاته مشيراً إلى بعض المبتدعة عنده وما وقع من خلاف فيه من غيره :
: " فلماذا الخلاف القائم الذي يضحك الأعداء ؟
أرجو إنصاف إخوانكم الذين لم يتبين لهم خطأ إلى الآن، وكف الألسن عنهم، بل احترامهم، وإظهار براءتهم ".
... لكنَّ المُتَعَسِّفَ -طُرًّا- لنْ يُنْصِف!
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- لا زال الحلبي مستمراً في مغالطاته، ويخلط الأوراق؛ ليخرج نفسه من مأزق تزكية أهل البدع، والذب عنهم والتأصيل لذلك ! ولو بقلب الحقائق أو التدليس والتلبيس! ففرق بين الخلاف الذي مبناه على الخطأ غير المقصود مع الاجتهاد في طلب الحق، فللمخطئ أجر ، وبين من يخطئ متعمداً ويستمر في باطله وهواه فهذا آثم مؤاخذ شرعاً .
- ثم هل الخلاف في عكرمة أحد أئمة التفسير في عصره بل أحد أئمة الدهر، كالخلاف في محمد حسان والمأربي والحويني والمغراوي وعرعور وغيرهم، وهل تلبس عكرمة ببدع ظاهرة، وحارب المنهج السلفي أم أنه أمرٌ لم يثبت عليه، ولا يصح عنه، بخلاف من تدافع عنهم فأصواتهم وكتاباتهم تدينهم وتثبت عليه بحق جرح من جرهم من العلماء السلفيين .
- وأما قول الألباني رحمه الله فهو يلتقي مع قول علمائنا السلفيين تماماً ولا يختلف وهو حجة عليك أيها الحلبي ورد لمنهجك الباطل الجديد، فهو رحمه الله يفرق بين المخطئ وبين صاحب الهوى والمصر المعاند، وكلامه في المسألة مؤصل يتنزل لرد باطلك تماماً وسأورده؛ لكثرة فوائده ولإفحام الحلبي بكلام الألباني الإمام.
قال الألباني رحمه الله في صلاة التراويح (35-39) : موقفنا من المخالفين لنا في هذه المسألة وغيرها : إذا عرفت ذلك فلا يتوهمن أحد أننا حين اخترنا الاقتصار على السنة في عدد ركعات التراويح وعدم جواز الزيادة عليها أننا نضلل أو نبدع من لا يرى ذلك من العلماء السابقين واللاحقين كما قد ظن ذلك بعض الناس واتخذوه حجة للطعن علينا توهماً منهم أنه يلزم من قولنا : بأن الأمر الفلاني لا يجوز أو أنه بدعة أن كل من قال بجوازه واستحبابه فهو ضال مبتدع كلا فإنه وهم باطل وجهل بالغ؛ لأن البدعة التي يذم صاحبها وتحمل عليه الأحاديث الزاجرة عن البدعة إنما هي " طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشيعة يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه " فمن ابتدع بدعة يقصد بها المبالغة في التعبد وهو يعلم أنها ليست من الشرع فهو الذي تنصب عليه تلك لأحاديث وأما من وقع فيها دون أن يعلم بها ولم يقصد بها المبالغة في التعبد فلا تشمله تلك الأحاديث مطلقاً ولا تعنيه البتة وإنما تعني أولئك المبتدعة الذي يقفون في طريق انتشار السنة ويستحسنون كل بدعة بدون علم ولا هدى ولا كتاب منير بل ولا تقليداً لأهل العلم والذكر بل إتباعاً للهوى وإرضاء للعوام وحاشا أن يكون من هؤلاء أحد من العلماء المعروفين بعلمهم وصدقهم وصلاحهم وإخلاصهم ولا سيما الأئمة الأربعة المجتهدين رضي الله عنهم أجمعين فإننا نقطع بتنزههم أن يستحسنوا بدعة مبالغة منهم في التعبد كيف وهم قد نهوا عن ذلك ... نعم قد يقع أحدهم فيما هو خطأ شرعاً ولكنه لا يؤاخذ على ذلك بل هو مغفور له ومأجور عليه كما سبق مراراً وقد يتبين للباحث أن هذا الخطأ من نوع البدعة فلا يختلف الحكم في كونه مغفوراً له ومأجوراً عليه لأنه وقع عن اجتهاد منه ولا يشك عالم أنه لا فرق من حيث كونه خطأ بين وقوع العالم في البدعة ظناً منه أنها سنة وبين وقوعه في المحرم وهو يظن أنه حلال فهذا كله خطأ ومغفور كما علمت ولهذا نرى العلماء مع اختلافهم الشديد في بعض المسائل لا يضلل بعضهم بعضاً ولا يبدع بعضهم بعضاً ولنضرب على ذلك مثالاً واحداً لقد اختلفوا منذ عهد الصحابة في إتمام الفريضة في السفر فمنهم من أجازه ومنهم من منعه ورآه بدعة مخالفة للسنة ومع ذلك فلم يبدعوا مخالفيهم فهذا ابن عمر رضي الله عنهما يقول : " صلاة المسافر ركعتان من خالف السنة كفر" رواه السراج في مسنده (21/122-123) بإسنادين صحيحين عنه. ومع هذا فلم يكفر ولم يضلل من خالف هذه السنة اجتهاداً بل لما صلى وراء ن يرى الإتمام أتم معه، فروى السراج أيضاً بسند صحيح عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر وعثمان صدراً من أمارته ركعتين ثم أن عثمان صلى بمنى أربعاً فكان ابن عمر إذا صلى معهم صلى أربعاً وإذا صلى وحده صلى ركعتين ".
فتأمل كيف أن ابن عمر لم يحمله اعتقاده بخطأ من يخالف السنة الثابتة بالإتمام في السفر على أن يضلله أو يبدعه بل إنه صلى وراءه؛ لأنه يعلم أن عثمان رضي الله عنه لم يتم إتباعاً للهوى - معاذ الله بل ذلك يجب عن اجتهاد منه وهذا هو السبيل الوسط الذي نرى من الواجب على المسلمين أن يتخذوه لهم طريقاً لحل الخلافات القائمة بينهم أن يجهر كل منهم بما يراه هو الصواب الموافق للكتاب والسنة شريطة أن لا يضلل ولا يبدع من لم يرَ ذلك لشبهة عرضت له لأنه هو الطريق الوحيد الذي به تتحقق وحدة المسلمين وتتوحد كلمتهم ويبقى الحق فيه ظاهراً جلياً غير منطمس المعالم ... هذا هو موقفنا في المسائل الخلافية بين المسلمين الجهر بالحق بالتي هي أحسن وعدم تضليل من يخالفنا لشبهة لا لهوى . وهذا هو الذي جرينا عليه منذ أن هدانا الله لإتباع السنة ... وذلك هو موقفنا وما أظن عاقلاً ينازعنا فيه فمن نسب إلينا غير ذلك فقد بغى وتعدى وظلم والله حسيبه ! وغرضنا من نشر السنة في هذه المسألة وغيرها بيِّن ظاهر وهو تبليغها للناس ..... فمن لم يقتنع بها لشبهة لا لهوى ولا إتباعاً للآباء والأجداد فليس لأحد عليه من سبيل لا سيما إذا كان لم يلتزمها بعض كبار العلماء كما في هذه المسألة . والتوفيق من الله سبحانه انتهى
- وأما كلام الشيخ ربيع المدخلي فلا أدري هل بك عقل، أم أنك لا تفهم الكلام، أم ملبس ومدلس؟
أما قال الشيخ العلامة ربيع المدخلي حفظه الله تعالى (أرجو إنصاف إخوانكم الذين لم يتبين لهم خطأ إلى الآن،) فهل أنت لم يتبين لك الخطأ ولم تقف عليه ؟
إذن أنت لست داخلاً في كلام الشيخ بل أنت صاحب هوى ..
- ومن رد الحلبي على الحلبي :
ما نقله فيما سماه بـمنهج السلف (72-73) عن العلامة الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله تعالى أنه قال : كل من وقع في البدع لا يبدع؛ لأنا لو أخذنا بهذه القاعدة؛ لبدعنا أكثر أئمة الإسلام، فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : إنه كثير من أئمة السلف والخلف، وقع في البدعة من حيث لا يشعر، إما لأنه اعتمد حديثاً ضعيفاً، أو فهم من النص غير مراد الله، ومراد رسوله أو لاجتهاد .
الآن عندنا أئمة مجتهدون، وقد يؤديه اجتهاده إلى خطأ أو بدعة فإذا عرفنا سلامة المنهج، وسلامة المقصد، والبعد عن الهوى، تحري الحق، إذا عرف هذا عنه، ثم وقع في بدعة لا يبدع.
لكن إذا عرفنا منه الهوى، وعرفنا منه سوء القصد، وعرفنا منه أشياء تدل على أنه يريد البدعة هذا يبدع.
لهذا تجدهم: حكموا على كثير من الناس بأنهم مبتدعة.
وكثير من الناس وقعوا في أخطاء ما سموهم مبتدعة؛ لأنهم عرفوا سلامة مقصدهم، وحسن نواياهم، وتحريهم للحق وسلامة المنهج الذي يسيرون عليه" انتهى
وقول الحلبي (وَهَل لَـمَّا خَالَفَ البُخَارِيُّ -فِي ذَا- مَنْ خَالَفَ -مِمَّن جَرَحَ وَطَعَن-؛ كَانَ ذَلِكَ سَبَباً فِي إسْقَاطِ البُخَارِيِّ مع الإقرار بالفارق ! أَو اسْتِئْصَالِه، أَو الطَّعْنِ بِه؟!)
أقول : إن البخاري لم يخاصم من جرح عكرمة وإن كان فيهم من هو مجروح، ولم يؤصل لحرب أهل السنة الذين جرحوا عكرمة ثم ليس عند من طعن في عكرمة حجج واضحة فأسقطها البخاري .
وما كانت إلا شبهات لا تثبت عند أهل النقد المتجرد من الأهواء فقياسات الحلبي باطلة واضحة البطلان والتهافت :
حجج تهافت كالزجاج تخالها *** حقاً وكل كاسر مكسور
ثالثاً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص201) حاشية رقم (2) :
بَعْضِ (المُتَعَجِّلِينَ) -اليَوْمَ- مِمَّن إِذَا خُولِفَ قَوْلُهُم فِي مَسْأَلَةٍ، أَوْ رَاوٍ، أَوْ مُتُكَلَّمٍ فِيه: هَاجُوا وَمَاجُوا، واضْطَرَبُوا، وَشَرَّقُوا وَغَرَّبُوا!
مَعَ اتِّفَاقِ المُخالَفِ وَالمُخَالِف -كِلَيْهِما- فِي أُصُولِ العَقِيدَةِ وَالمَنْهَج -جُمْلةً وَتَفْصِيلاً-؛ إِنَّما الخِلافُ -حَسْبُ!- فِي تَنْزِيلِ أُصُولِ النَّقْدِ -هذه- عَلَى فَرْدٍ بِعَيْنِهِ -أو أكثرَ- مِمَّن تُكُلِّمَ فِيه!!
فَهَلْ عُدَّ هَذا -يَوْماً- بَيْنَ (أَهْلِ العِلْم = أهل السُّنَّة)- سَبِيلاً لِلتَّدابُرِ وَالتَّبَاغُض؟!)) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- لا يزال الحلبي مستمراً في سوء أدبه مع العلماء فيصفهم بالعجلة - وهذا حال من لم يطلب العلم على أيدي العلماء ولم يتربَ على أيديهم أو حال أصحاب الهوى – وقد سبق رد سوء أدبه في الحلقة الثامنة حين وصف بعض شيوخ الفتوى بالعجلة عامله الله بما يستحق .
- والمشايخ السلفيون من خالفهم معانداً للحق، مصراً على باطله ردوا عليه باطله وبينوا الحق صريحاً بلا مجاملة ولا مداهنة ويعاملون كل مخالف بما يناسبه، فمن خالف الحق لشبهة ترفقوا به، ومن خالف الحق معانداً : عاملوه بما يستحق من الشدة في بيان الحق : فهل تعتبر يا حلبي : أن هذه المعاملة للمخالف المعاند اضطراباً وهيجان بأمواج الغضب فالله حسيبك !!!
- ولا يستحي الحلبي من موقفه المخالف للعلماء الكبار، فيعتبر نفسه نداً للعلماء الكبار فيقول: (مع اتفاق المخالِف والمخالَف) مع أن الواجب على طالب العلم احترام العلماء الكبار وتقديرهم وعدم التعامل معهم بسوء الأدب هذا .
- وزَعْمُ الحلبي أنه على اتفاقٍ مع العلماء الكبار في الأصول حيث قال: ( مَعَ اتِّفَاقِ المُخالَفِ وَالمُخَالِف -كِلَيْهِما- فِي أُصُولِ العَقِيدَةِ وَالمَنْهَج -جُمْلةً وَتَفْصِيلاً-؛ إِنَّما الخِلافُ -حَسْبُ!- فِي تَنْزِيلِ أُصُولِ النَّقْدِ -هذه- عَلَى فَرْدٍ بِعَيْنِهِ -أو أكثرَ- مِمَّن تُكُلِّمَ فِيه!!) انتهى
أقول : لا والله ما اتفقت مع المشايخ الكبار فقد خالفتهم وعاندتهم وأصررت على باطلك مع نصحهم المتكرر والمستمر لك ولكن لا حياة لمن تنادي ..
وقد وقع الحلبي في مسائل كثيرة خالف فيها المنهج السلفي منها :
- التفريق بين المنهج والعقيدة المترتب عليه عدم تأثير اختلاف المنهج إذا صحت العقيدة .
- اعتباره وصف الصحابة بالغثائية ليس سباً .
- مخالطة أهل البدع والثناء عليهم والدفاع عنهم .
- تقعيد القواعد الباطلة المخالفة لمنهج السلف الصالح .
- اشتراطه الإجماع لقبول الجرح .
إلى آخر الأصول التي أصلها هو وحزبه لحرب أهل السنة، وقد مرَّ بعضها .
فليس الخلاف محصوراً في تنزيل الأصول المتفق عليها بل الخلاف في موضعين على سبيل الإجمال :
- خلاف في تقعيدك للقواعد والأصول الفاسدة التي تحارب بها المنهج السلفي والسلفيين .
- تطبيقك للأصول السلفية على خلاف منهج السلف وتلاعبك في هذا التطبيق بليّ أعناق النصوص والآثار على هواك .
رابعاً : قال الشيخ العلامة ربيع المدخلي حفظه الله تعالى في كتابه النصيحة التي أوردها الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (207) : وَمِمَّا وَقَعَ فيه المُتَشَدِّدُونَ -بِغَيْرِ حَقٍّ- اليَوْمَ-:
الإِنْكَارُ عَلَى مَنْ يُخَالِفُ غَيْرَهُ -فِي بَابِ الجَرْح-؛ عَلَى اعْتِبارِ أَن يَجْرَح الجَارِحُ بِمَا لا يُعْتَبَرُ جَرْحاً عِنْدَ غَيْرِهِ!!
وعلّق عليه بقوله في الحاشية (رقم2) :
وهذا معنىً لطيفٌ لِـمَا أُكَرِّرُهُ -دائماً- من قولي : «لا يجوزُ أنْ نجعلَ خِلافَنا (الاجتهادي المعتبر = نَحْنُ أَهْلَ السُّنَّةِ) فِي غَيْرِنا (مِمَّن خَالَفَ السُّنَّة: مِنْ مُبْتَدِعٍ، أَوْ سُنِّيٍّ وَقَعَ فِي بِدْعَة): سَبَباً فِي الخِلاَفِ بَيْنَنا (نَحْنُ أَهْلَ السُّنَّة)»؛ بَلْ نَتَناصَحُ بالعِلمِ والحَقِّ، وَنَتَواصَى بِالصَّبْرِ وَالمَرْحَمَة ...
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- كلام الشيخ العلامة ربيع المدخلي حفظه الله تعالى في بيان أن الجارح قد يجرح بجرح مثله غير معتبر من باب الخطأ لا من باب التعمد، ويوضح هذا قوله حفظه الله تعالى ( ... هَذِهِ قَاعِدَةُ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَالحَدِيثِ، ولَيْسَتْ بِظَالِمَةٍ، بَلْ هِيَ مِن صَمِيمِ العَدْلِ الَّذِي جَاءَ بِهِ الإِسْلامُ؛ لأَنَّ العَالِمَ قَد يُخْطِئُ في الجَرْحِ أَو في التَّعْدِيلِ، فَيُصَحِّحُ أخُوهُ خَطَأَهُ -في هَذَا أَو هَذَا-.
وَقَد يَجْرَحُ العَالِمُ بِغَيْر جَارِحٍ؛ فَيَرُدُّ العُلَمَاءُ النُّقَّادُ جَرْحَهُ -إِنْصَافاً لِـمَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ هَذَا الجَرْحُ-...
نَعَمْ؛ إِذَا كَانَ الجَارِحُ مِن العُلَمَاءِ الأُمَنَاءِ العَارِفِينَ بِأَسْبَابِ الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ، والمُعْتَرِضُ جَاهِلاً أَو صَاحِبَ هَوىً؛ فَلا عِبْرَةَ بِاعْتِرَاضِهِ ) انتهى
وهو موافق لكلام الألباني السابق .
فأنت يا حلبي داخل في قول الشيخ العلامة ربيع المدخلي: ( المُعْتَرِضُ جَاهِلاً أَو صَاحِبَ هَوىً؛ فَلا عِبْرَةَ بِاعْتِرَاضِهِ) .
فأنت صاحب هوى فلا عبرة باعتراضك أصلاً دفاعاً أو ثناء .
وقول الحلبي (خلافناالاجتهادي المعتبر)
أقول : سبق بيان أن الخلاف مع الحلبي ليس اجتهادياً معتبراً كما في الحلقة الرابعة عشر.
وقول الحلبي (نَحْنُ أَهْلَ السُّنَّةِ)
أقول : لو قال أنتم أهل السنة؛ لكان أصدق؛ إذ أن حاله مغاير لحال أهل السنة، باعترافه هو بأنه تراجع وتغيّر منهجه كما في الحلقة السادسة .
وقول الحلبي (أَوْ سُنِّيٍّ وَقَعَ فِي بِدْعَة)
سبق بيان الفرق بين السني الذي وقع في البدعة، والمبتدع المصر على بدعته؛ ولكن الحلبي يغالط ويسفسط على منهجه الباطل .. .ويعتبر أهل البدع سلفيين عندهم أخطاء أو وقعوا في بدع لا يبدعون بسببها .
وقول الحلبي (سَبَباً فِي الخِلاَفِ بَيْنَنا)
أقول : نعم أهل السنة لا يكون الاختلاف سبباً للخلاف بينهم؛ لأنهم يطلبون الحق ويسيرون على الأصول السلفية، ويعذرون المخطئ أما المعاند المخالف المصر على باطله فهذا ليس منهم ..
خامساً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص 208) حاشية (رقم1) :
وَعَلَيْه؛ فَإِنَّ تَخْطِئَةَ الجَارِحِ -فِي بَعْضِ مَا جَرَحَ-، أَوْ تَصْحِيحَهُ في بعضِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ خَطَؤُهُ فِيه: لَيْسَت -بِأَيِّ حَالٍ مِنَ الأَحْوَال- طَعْناً فِيهِ، أَوْ تَقْلِيلاً مِنْ مَكَانَتِهِ وَمَنْزِلَتِهِ ...
وفي «نصيحة إسحاق بن أحمدَ العَلْثِيِّ لابن الجوزيّ»-ضمن «ذيل طبقات الحنابلة» (3/452-453) -لابن رجب- قولُهُ -له-:
«بيننا وبينك كتابُ الله، وسُنَّةُ رسولِهِ؛ قال الله -تعالى-: (فإن تنزعتم في شيء فردوده إلى الله والرسول)، ولمْ يقُل: إلى ابن الجوزي!»..
قُلْتُ: وَلاَ: إِلَى غَيْرِهِ!!!
ولقَدْ قُلْتُ مِثْلَ هَذا القَوْلِ (قريباً) لبعض الناس ممن أراد إلزامي بأقوالِهِ، وإلحاقي بحالِه-وشَدَّد وتشَدَّد، وهدَّدَ وتوعَّد! -فكان هذا آخِرَ كلامِي (الوَدَاعِيِّ) له - بَعْدَ تَقْبِيلِي يَدَهُ وَرَأْسَهُ-...
... وَقَدْ (نَصَحْتُهُ) -أَعَانَهُ الله- فِي اللَّحْظَةِ نَفْسِها- حَقَّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِم- بِقِرَاءَةِ هَذِهِ «النَّصِيحَة» -النَّافِعَة- الَّتِي هِيَ أَصْلُ هَذا الكِتَاب -عَلَى الصَّوَاب-؛ لَعَلَّ وَعَسَى!!
والأصل أن الخلاف لو احتد أن لا يستمر من جهة وأن لا يصل إلى القلوب من جهة أخرى :
روى الخلال في السنة (ص715) عن سعيد بن المسيب قال : شهدت علياً وعثمان وكان بينهما نزغ من الشيطان فما ترك واحد منهما لصاحبه شيئاً إلا قاله فلو شئت أن أقص عليكم ما قالا لفعلت ثم لم يبرحا حتى اصطلحا واستغفر كل واحد منهما لصاحبه .
وقد روى البخاري في صحيحه (4366) عن ابن أبي مُلَيْكَةَ قال كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا أي : أبو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم ... فقال أبو بَكْرٍ لِعُمَرَ ما أَرَدْتَ إلا خِلَافِي قال ما أَرَدْتُ خِلَافَكَ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا ...
قلت : ولم يؤثر ذا قليلاً أو كثيراً على عظيم صلتهما ومكانتهما وكبير أخوتهما ومنزلتهما ..) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- أطلق الحلبي الحكم فسوَّى بين من وقع في الخطأ دون قصد، وبين المصر على باطله ولا شك أن هذا من الظلم والتسوية بين الحق والباطل وقد سبق رده من كلام الإمام الألباني .
فهلا سار على دربه، ومشى على نهجه، وترك ما عليه من حدثه .
- وأما قول العلثي رحمه الله تعالى فهو حق وأصل من الأصول السلفية التي يسير عليها السلفيون، ويردون بها على كل مخالف للحق مثلك أيها الحلبي .
- وأما (ولقَدْ قُلْتُ مِثْلَ هَذا القَوْلِ (قريباً) لبعض الناس ممن أراد إلزامي بأقوالِهِ، وإلحاقي بحالِه-وشَدَّد وتشَدَّد، وهدَّدَ وتوعَّد! -فكان هذا آخِرَ كلامِي (الوَدَاعِيِّ) له - بَعْدَ تَقْبِيلِي يَدَهُ وَرَأْسَهُ-...
- أقول في النسخة القديمة التي تداولها من اختارهم الحلبي : ( ولقَدْ قُلْتُ مِثْلَ هَذا القَوْلِ (قريباً) -تماماً- لشيخ فاضلٍ أراد إلزامي بأقوالِهِ، وإلحاقي بحالِه-وشَدَّد وتشَدَّد، وهدَّدَ وتوعَّد! -فكان هذا آخِرَ كلامِي (الوَدَاعِيِّ) له - بَعْدَ تَقْبِيلِي يَدَهُ وَرَأْسَهُ -...) انتهى .
أقول: هذا يبين أن المراد بهذا الكلام هو الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى، ولا شك أن هذا من سوء أدبه مع الشيخ ربيع، فالشيخ ربيع المدخلي معروف بجهاده ودعوته السلفية الواضحة النيرة التي شهد له به جماعة من أهل العلم الكبار في العالم الإسلامي . كما سبق نقله في الحلقة الخامسة .
وهذه الآية أنت أحوج بأن تتلى عليك يا حلبي ليل نهار حتى تتقي الله في حالك وباطلك وأوحالك .
وأما قوله عن الشيخ العلامة حامل راية الجرح والتعديل ربيع المدخلي حفظه الله تعالى : بأنه شدد وتشدد وتوعد فهذا من افترائه وتَقَوَّله عليه، فالشيخ ربيع صبر وتصابر وصابر في معاملتك محاولاً إصلاحك وهدايتك للحق لسنوات كثيرة ! ولكن دون جدوى ! وقد سبق رد هذه الفرية في الحلقة السابعة .
وأما تقبيلك ليد الشيخ ورأسه فما الفائدة منه وأنت تطعن في الشيخ في مجالسك الخاصة، وتؤلّف الكتب في الطعن فيه، وتفتري عليه، وما هذا الصنيع إلا بصنيع الذئاب المخادعة أليق لا الأتقياء أولي الألباب .
وأما نصيحتك للشيخ ربيع بأن يقرأ نصيحته لفالح فهذا فيه ما سبق من سوء الأدب مع أهل العلم الكبار، وسوء الأدب هذا للأسف يصدر ممن يتصدّر لدعوة الشباب فلا شك أنك بحاجة لدعوة نفسك قبل إصلاحك لدعوة غيرك .
ثم الشيخ العلامة ربيع المدخلي لم يخالف ما في نصيحته قولاً ولا فعلاً؛ بل هو يسير على الحق بفضل الله عليه ومنته لم يتغير ولم يتبدل كحالك أيها الحلبي وأوحالك .
وأما ما حصل من الخلاف بين علي وعثمان رضي الله عنهما وعن جميع الأصحاب، فهذا خلاف للوصول للحق، وليس مع الإصرار على الباطل ورد الحق، وفي كلام الإمام الألباني ما يوضّح هذا المعنى كما سبق نقله عنه في موقف ابن عمر مع عثمان رضي الله عنهم أجمعين .
فهل تقول يا حلبي أن أحداً من الصحابة يقر مخالفة الحق والإصرار عليه، أو يقر الباطل ولا يغار على دين الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ما هذا الخصام بالباطل الذي تخوض فيه وتلج فيه دون مراعاة ومراقبة لكلماتك وأقوالك حتى تتهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بإقرار الباطل ولا حول ولا قوة إلا بالله ! فهذه من نتائج منهجك الجديد الذي تسير عليه وتفخر أنك وفقت إليه ! وصدق السلف رضوان الله عليهم :" من كان مستناً فليستن بمن قد مات – أي أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم - فإن الحي – من بعد الصحابة - لا تؤمن عليه الفتنة " .
وحالك كما قال حذيفة رضي الله عنه :" اعلم أن الضلالة حق الضلالة أن تعرف ما كنت تنكره وأن تنكر ما كنت تعرفه وإياك والتلون فإن دين الله واحد" أخرجه معمر في الجامع (11/249رقم20454) .
وقد سبق في الحلقة السابعة نقل موقف عبدالله بن عُمر وعبد الله بن مغفل لمن خالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم بعد بيانها لهم من أولادهما!
وقول الحلبي (روى الخلال في السنة (ص715))
أقول : صوابه : السنة للخلال (2/460رقم715) .
وهذا الأثر: بنفس السند والمتن في العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد (2/214رقم2053).
وأما اختلاف أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فكان بسبب تأمير الأقرع بن حابس أو القعقاع بن معبد على بني تميم كما في فتح الباري (13/279) وليس في مخالفة الحق .
والحديث يفسر هذا الاختلاف : ففي صحيح البخاري : عن ابن أبي مُلَيْكَةَ قال كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا أبو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم حين قَدِمَ عليه رَكْبُ بَنِي تَمِيمٍ فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالْأَقْرَعِ بن حَابِسٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ وَأَشَارَ الْآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ قال نَافِعٌ لَا أَحْفَظُ اسْمَهُ فقال أبو بَكْرٍ لِعُمَرَ ما أَرَدْتَ إلا خِلَافِي قال ما أَرَدْتُ خِلَافَكَ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا في ذلك فَأَنْزَلَ الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ الْآيَةَ ..
ثم اختلاف الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ليس من باب الجدل والاختلاف في الحق، ومعارضته بالهوى والجهل؛ فهم منزهون عن ذلك، ولا أدري أين عقل الحلبي حين يقيس خلافه المعارض للحق بحال الصحابة رضوان الله عليهم !!
سادساً : قال الشيخ العلامة ربيع المدخلي في النصيحة كما في منهج السلف (ص229) : ( إِذَا وَقَعَ مِن طَرَفٍ -أَو مِن أطرافٍ -وَبِخاصَّةٍ أَهْلَ السُّنَّةِ- تَبْدِيعٌ أَو تَضْلِيلٌ؛ فلا بُدَّ مِن بَيَانِ أَسْبَابِ هَذَا التَّبْدِيع بَيَاناً شَافِياً تَقُومُ بِهِ الحُجَّةُ، وَيُقْطَعُ بِهِ دَابِرُ الفِتْنَةِ، وَيَظْهَرُ للنَّاسِ أَنَّ أَحْكَامَ الطَّرَفِ المُبَدِّعِ قَامَتْ عَلَى عِلْمٍ وَحُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ -فِي الطَّرَفِ المُبَدَّع-.
فعلّق عليه الحلبي بقوله في الحاشية (رقم1) : وَمَا لَمْ يَكُن سَبِيلُهُ هَذا الشِّفَاءَ وَالوُضُوحَ؛ فَالأَصْلُ-فِيهِ- إِعْمَالُ قاعِدَةِ (التَّعاوُنِ الشَّرْعِيّ)، وَالتَّواصِي بِالحَقِّ وَالصَّبْر، وَالتَّناصُح -فيه-؛ حتى (تَقُومَ بِهِ الحُجَّة)، وتظهر المَحَجَّة، أو: (يغن الله كلاً من سعته) ...
ودَعْكَ مِن قاعدةِ: (... ويعذرُ بعضُنا بعضاً فيما اختلفنا فيه)! وقاعدةِ: (نُصَحِّحُ ولا نُجَرِّح)! -اللَّتَيْنِ قُوِّلْنَاهُما (!) بِغَيْرِ حَقّ-!!
فَهُما -كَمَا بَيَّنْتُ-قَدِيماً- على غيرِ ما نقولُ؛ فَكِلْتِاهُما إمَّا باطلٌ، أو بابٌ إلى الباطل...) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- مراد الشيخ العلامة ربيع المدخلي أن الجارح لابد أن يذكر أسباب الجرح، ولا يذكر الجرح مجملاً، بحيث يظهر حجته في هذا الجرح؛ إذ لو فتح الباب لضاعت الحقوق، وطعن في الأعراض، ولم يستقم حال الناس .
- والحلبي يريد أن ينزل كلام الشيخ العلامة ربيع المدخلي على محمد حسان والحويني والمأربي والمغراوي وعرعور وغيرهم من أهل البدع، ليقول : لم تقم حجة على تبديعهم شافية واضحة !!
- وهذه من مغالطاته التي بنى عليها منهجه الجديد، وإلا فما وقع فيه هؤلاء من التأصيل الفاسد ومنهج الإخوان ومنهج التكفير ومنهج القطبية والسرورية وغيره بلا شك أنه جرح واضح مفسر ولكن من عميت بصيرته لا عبرة بقوله .
- وقول الحلبي (إِعْمَالُ قاعِدَةِ (التَّعاوُنِ الشَّرْعِيّ)
- أقول : لا شك أن التعاون الشرعي يكون بما جاء في الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح، وما سواه فليس بشرعي كما هو مقرر معلوم عند أولي الأبصار؛ فهل من منهج السلف التعامل مع أهل البدع واحترامهم وتقديمهم للناس بأنهم دعاة سنة! لا شك أن هذا من الخيانة للأمانة وتضييع للسنة والديانة .
- وقول الحلبي (حتى (تَقُومَ بِهِ الحُجَّة)، وتظهر المَحَجَّة، أو: (يغن الله كلاً من سعته) ...)
أقول : لا شك أن الحجة قد قامت على هؤلاء الذين تعتبرهم يا حلبي بأنهم من أعيان أهل السنة، بحيث أصبحوا يطعنون في المنهج السلفي وأهله بكل وضوح، ولا أدري ماذا يريد الحلبي بهذه الليونة والميوعة وإلى أي حد يريد أن يصل !!
وقول الحلبي (ودَعْكَ مِن قاعدةِ: (... ويعذرُ بعضُنا بعضاً فيما اختلفنا فيه)! وقاعدةِ: (نُصَحِّحُ ولا نُجَرِّح)! -اللَّتَيْنِ قُوِّلْنَاهُما (!) بِغَيْرِ حَقّ-!!)
أقول : ينفي الحلبي عن نفسه العمل بقاعدتين باطلتين مخالفتين لمنهج السلف الصالح :
الأولى : لا نجعل خلافنا في غيرنا سبباً للخلاف بيننا .
الثانية : نصحح ولا نجرح .
وهذه مغالطة أخرى من الحلبي وإليك بيانها :
أما قاعدة : لا نجعل خلافنا في غيرنا سبباً للخلاف بيننا.
فقد قررها في مواطن في كتابه وكذا في مجالسه، ومنها الجلسة التي رد عليه فيها الشيخ سعد الزعتري حيث قال الحلبي المسكين كما في تنبيه الفطين (69) : ( نحن ليس بسبب عبدالخالق نعادي الناس كلهم، نحن نبيِّن ونقول كلمة أكثر من مرة: لا يجوز أن نجعل خلافنا في غيرنا سبباً للخلاف بيننا، من جعل خلافه في غيره سبباً في الخلاف بينه أنا أقول هذا أحمق ليش؟ لأنه إذا اختلف مع أخيه بسبب غيره سيكون مستفيداً هذا الغير إذا خسر أخاه من المستفيد؟ الخصم. وأين العدل في ذلك ؟ وأين الإنصاف؟ وأين الحرص؟ ) انتهى
أقول : فهذا كلام واضح جداً في تقرير القاعدة السابقة التي ينفيها الحلبي عن نفسه!
بل هذا كلام سيء للغاية إذ يعتبر الحلبي عامله الله بما يستحق أن تطبيق المنهج السلفي مع أهل البدع ومن يجالسهم ويدافع عنهم ويثني عليهم حماقة وسفاهة !
ولا أظن أني بحاجة إلى تعليق على هذا الكلام القبيح إذ قبحه أبلغ من رده، واكتفي برد الشيخ سعد الزعتري حفظه الله تعالى في الموطن المشار إليه من تنبيه الفطين .
ولما شعر الحلبي أنه تورّط أخذ يهرب من عمومها ويقيده بما يلي :
- أنه اختلاف اجتهادي سائغ في أطار أهل السنة، مع اتفاق المُخْتَلِفَيْن في أصول العقيدة والمنهج جملة وتفصيلاً، وأن الخلاف بينه وبين العلماء السلفيين فقط في تنزيل القواعد وتطبيقها، وأن من زكاهم ليسوا بمبتدعة بل من أعيان أهل السنة .
وإليك أقواله من كتابه المسمى بــمنهج السلف الصالح التي تدل على وقوعه في القاعدة التي ينفيها عن نفسه :
- (ص47) (..... وَلَسْتُ أَلُومُ غَيْرِي إِذا رَأَى غَيْرَ رَأْيِي؛ لَكِنْ: لِيَعْذِرْنِي... ".)
- (ص68) (لذلك قال من قال من الصحابة رضي الله عنهم تأصيلاً : "الخلاف شر" وأجل منه قول النبي صلى الله عليه وسلم تقعيداً :"الجماعة رحمة والفرقة عذاب")
- (ص75) حاشية رقم (3) : ( الاختلافَ في التبديعِ -في إطارِ (أهل السُّنَّة)- اختلافٌ سائغٌ؛ لا يُوجِبُ هجراً، ولا إسقاطاً، ولا تبديعاً...) .
- (ص201) حاشية رقم (2) : ( ... مَعَ اتِّفَاقِ المُخالَفِ وَالمُخَالِف -كِلَيْهِما- فِي أُصُولِ العَقِيدَةِ وَالمَنْهَج -جُمْلةً وَتَفْصِيلاً-؛ إِنَّما الخِلافُ -حَسْبُ!- فِي تَنْزِيلِ أُصُولِ النَّقْدِ -هذه- عَلَى فَرْدٍ بِعَيْنِهِ -أو أكثرَ- مِمَّن تُكُلِّمَ فِيه!!...)) انتهى
- (207) حاشية (رقم2) : ( وهذا معنىً لطيفٌ لِـمَا أُكَرِّرُهُ -دائماً- من قولي : «لا يجوزُ أنْ نجعلَ خِلافَنا (الاجتهادي المعتبر = نَحْنُ أَهْلَ السُّنَّةِ) فِي غَيْرِنا (مِمَّن خَالَفَ السُّنَّة: مِنْ مُبْتَدِعٍ، أَوْ سُنِّيٍّ وَقَعَ فِي بِدْعَة): سَبَباً فِي الخِلاَفِ بَيْنَنا (نَحْنُ أَهْلَ السُّنَّة)»؛ بَلْ نَتَناصَحُ بالعِلمِ والحَقِّ، وَنَتَواصَى بِالصَّبْرِ وَالمَرْحَمَة ... )
- (ص250) حاشية رقم (3) (وَهِيَ الَّتِي نُرْمَى بِهَا -اليَوْم!- مِنَ (البَعْضِ!)- بِسَبَبِ مُخالَفَتِنَا (الاجْتِهادِيَّة) فِي عَدَمِ الحُكْمِ عَلَى بَعْضِ الأَعْيَانِ -مِن (أهل السُّنَّة) المواقعين لبعض الخطأ، أو البدعة- بِأًَنَّهُم مُبْتَدِعَة!! ...) .
- (ص293) حاشية (رقم2) وما (قد يترتَّب على الكلام في شخصٍ) مِن (مفاسد) ممَّا قد يكونُ (أعظمَ بكثير من مفسدة السُّكوت عنه): هو الدَّافِعُنِي (في بعض الحالات) التي لا أرى الصوابَ -فيها- تبديعَ -أَو انْتِقَادَ!- هذا الداعي، أو هذا الطالبَ للعلمِ، أو هذا العالمَ -مِمَّن هُم مِن دُعاة المنهج السَّلَفِيّ-! وأرى أنَّ إبقاءَهُ على أصل (السَّلَفِيَّة) هو الأصلُ بلا ملامَة، بل هو بابُ الحِيطَةِ والسَّلامة...فلئن خالَفَنِي في هذا غيري؛ فلا أقلَّ مِن أن يعذِرَني!!) انتهى
- وهذه المزاعم من الحلبي والمغالطات يماحل الحلبي فيها بالباطل وقد سبق ردها وسيأتي الرد على بقية كلامه إن شاء الله تعالى .
وأما القاعدة الثانية : نصحح ولا نجرح .
فتقريرها قولاً فإليك كلام الحلبي فيها : فقد سئل الحلبي: ما رأيكم في المخالفين لمنهج أهل السنة كالحويني والمغراوي والمأربي وعرعور؟
فأجاب الحلبي بقوله : أناأقول إن هؤلاء أنا أعرفهم منذ سنوات بعيدة، وقرأت ما كتبوا وسمعت ما قالوا، أناأعلم أن عندهم أخطاء وبعض هذه الأخطاء قد لا يكون قليلاً ...، أنا من استطيع منهم أن أناصحه،أناصحه ، وأذكره ، وأبين له خطأه ، وأتواصى معه بالحق والصبر لكني أخاف الله وأتقيه في أن أبدعهم، أو أن أخرجهم من السنة .... وإذا كنت أعرف أنا أن عندهم أخطاء، وهذه الأخطاء أعالجها، بقدر ما أستطيع من نصيحة من هذه الأخطاء، لكن أعرف ، أن هؤلاء على ثغرات أن أصولهم أصول عقائدية سنية سلفية، ولا أحد منهم يقول أنا لست بسلفي، أو أنا قطبي أو أنا حزبي، أو أنا تكفيري بل كلهم يتبرأ من ذالك، وإن كانت يعني على فترات وعلى درجات ، فأنا أخاف الله واتقيه في أن أقول هؤلاء تكفيريون ، أو قطبيون، أو حزبيون وأنا أعلم وربي يعلم مني أني لست بقناعة على أن هؤلاء على ذلك ، وإن كانوا مخطئين وإن كنت أخطأهم وأحذر من أخطائهم ، لكني أخاف الله ،ومن لا يخاف الله في تبديعهم فليبدعهم ، أما أنا فأخاف الله واتقيه في ذلك ... انتهى
وله كلام آخر منه ما أورده الشيخ سعد الزعتري في كتابه تنبيه الفطين لتهافت تأصيلات علي الحلبي المسكين (65-77) مع مناقشته فيه .
وأما فعلاً فأنا أجزم بأن الحلبي يمشي عليها، ويطبقها في منهجه الأفيح الجديد فعلاً .
فهو يعامل أهل البدع ويثني عليهم ويدافع عنهم، ولا يجرحهم، وينادي بعدم تبديعهم، ويطعن فيمن يتكلم فيهم، ويصوره بأبشع الصور، وهذا غاية وثمرة : نصحح ولا نجرح وأخواتها .
بل لعل الحلبي بمنهجه الجديد يزيد في القاعدة (نصحح ولا نجرح، ونجرح من يجرح)
وقد سبق في الحلقة السابعة، وفي هذه الحلقة عند كلامه على قاعدة يعذر بعضنا بعضاً، وما سيأتي من كلام الحلبي تزكيته لأهل البدع، ما يفيد تطبيق الحلبي لقاعدة نصحح ولا نجرح .
فنفي الحلبي لهما قولاً، وتطبيقه لهما عملاً : لا يفيده، بل يزيد في مراوغته وتفلته من الحق بمثل هذه المماحلات .
وقول الحلبي (فَكِلْتِاهُما إمَّا باطلٌ، أو بابٌ إلى الباطل...)
أقول : أما كونهما باطلتين فهذا هو الحق.
وأما كونهما باب إلى الباطل فهذا فيه تمييع وتضييع للقضية، بل هما قاعدتان باطلتان تصطدمان مع منهج السلف مباشرة، وقد حكم أهل العلم والإيمان ببطلانها مطلقاً دون التلاعب الذي جنح إليه الحلبي كما هي عادته .
وإليكم كلام أهل العلم والإيمان على هاتين القاعدتين :
القاعدة الأولى : لا نجعل خلافنا في غيرنا سبباً للخلاف بيننا
الشيخ العلامة أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله تعالى
قال الحلبي
(( فإذا ضاقت الأمور، واختلفنا في فلانٍ؛ فلا يجوز البتة أن نجعل اختلافنا في غيرنا سبباً للاختلاف بيننا، وإلاَّ كان سبيلاً كبيراً يستفيد منه المخالفون أكثر ما يستفيدون ))
فتعقبه العلامة الشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله تعالى
أقول : على أيِّ شيءٍ يجب اجتماعنا؛ أليس على الحق ؟ ! بلى؛ فإن خالف الحق أحدٌ وجب علينا أولاً أن ننصحه، ونبيِّن له؛ فإن رجع، وإلاَّ فإنَّه يجب علينا أن نعتبره شاذاً، ونرفضه؛ فإن أيَّده أحد، وأعانه على باطله أنكرنا على المؤيد؛ وهجرناه، وبالأخص إذا كانت بدعته أو مخالفته واضحةً، وضارة كبدعة الخوارج، ولا يجوز أن نترك الإنكار على المميع حرصاً على جمع الكلمة، ولاشك أنَّ بدعة الخوارج بدعةٌ ضارة بالدين؛ فإن أفتينا بجواز الأخذ للعلم عمَّن يرى رأي الخوارج؛ فقد أعنَّا على هدم الدين، وشجَّعنا المفسدين؛ وهل وجد فينا التكفير، والتفجير، والتدمير إلاَّ حين تتلمذ مجموعات من الشباب على هؤلاء، ومؤيديهم، ولا يجوز أن نقول هؤلاء يحفظون القرآن، وعندهم علمٌ؛ فالجهل خيرٌ من التتلمذ على أيديهم، وأين أنت من قول بعض السلف : " من وقَّر صاحب بدعةٍ فقد أعان على هدم الإسلام " أخرجه البيهقي في الشعب .
وصبيغ سيَّره عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الكوفة، ونهى عن مجالسته؛ أليس لأنَّ عمر رضي الله عنه خاف على المسلمين من العدوى بفكره ؟ بلى؛ أفيليق بعد ذلك ونحن ننتمي إلى أهل الحديث، وأتباع الأثر أن نغضب على من قال لا يؤخذ العلم على من يرى رأي الخوارج، ولا على من يدافع عمَّن يرى رأي الخوارج، ويعتذر له، ويبرر مسلكه أو يؤويه في بيته، ويتظاهر بصحبته، ويحتفظ به؛ فلا يخرجه من منهج السلف بعد العلم بخارجيته ؟!!
بل يرى أنَّه إن كان له ذنبٌ فذنبه صغير لا يستحق أن يخرج به من المنهج السلفي؛ أليس النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( لعن الله من آوى محدثاً )) رواه مسلم ، وأيُّ حدثٍ أعظم من حدث الخوارج؛ فهل يصح أن يقال أنَّه لا يخرج من السلفية مع ما ورد في الأحاديث المخرَّجة في الصحيحين أو أحدهما أو مخرَّجة في غيرهما بسندٍ صحيح؛ وإني والله أربأُ بك يا شيخ علي وأنت من المعدودين من أصحاب الحديث أن تتوقف في إخراج من يدين بهذا الفكر الخارجي من السلفية انتهى .
الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى
سئل حفظه الله تعالى : عن قاعدة: لا نجعل اختلافنا في غيرنا سبباً للاختلاف فيمابيننا ؟
فأجاب : بأنّها قاعدةفاسدة، وأنهم من خلالها يريدون التوصل إلى عدم تبديع وجرح من هو أهل للجرح والتبديع مثل المغراوي وأبي الحسن المأربي ومحمد حسان. .. ا.هـ.
الشيخ العلامة عبيد الجابري حفظه الله تعالى
سئل حفظه الله تعالى كما في أجوبته على أسئلة رائد المهداوي : يقول علي الحلبي مقعداً: فإذا ضاقت الأمور واختلفنا في فلان، فلا يجوز البتة أن نجعل اختلافنا في غيرنا سبباً للاختلاف بيننا. فما رأيكم حفظكم الله بهذا الكلام؟
فأجاب حفظه الله تعالى : أظنُّ أنّ أخانا علياً يشير إلى ما يجري في الساحة من الكلام على بعض الأشخاص، وهاهنا لا بدّ من بيان أمور:
الأمر الأول: أنّ الاختلاف في الأشخاص من حيث الجرح والتعديل هذا قديم، وليس هو وليد هذا العصر، بل منذ عرف هذا العلم - علم الجرح والتعديل - والأئمة يختلفون في أشخاص من حيث جرحهم وتعديلهم، والمعول عليه في هذا الأمر الدليل، ومن الأدلة التي ترجح أحد القولين: قول أهل الخبرة والمعرفة به من خلال معاشرتهم له أو نظرهم في كتبه، فمن أقام الدليل على رجل أنه مجروح، وأظهر الدليل على جرحه من كتبه أو من مقالاته، وبان أنه بهذه الأدلة مجروح؛ وجب قبول الجارح وُترك قول المعدِّل، لأنّ الجارح عنده زيادة علم خفيت على المعدِّل ...
والخلاصة - وهو الأمر الثاني -: أنّ الجرح المفسر مقدمٌ على التعديل المجمل.
وثالثاً: في هذاالعصر أثبت أخونا الشيخ ربيع -حفظه الله - فساد منهج سيد قطب وفساد عقيدته، وأقام الدليل على ذلك من كتب الرجل بما لا يدع مجالاً للشك، فالمنصفون والفطنا والحريصون على حفظ العقيدة والذبّ عنها وعن أهلها قبلوا كلام الشيخ ربيع؛ لأنه أقام الدليل من كتب الرجل، وأما أهل اللجج والشطط والحزبيات فإنهم إلى اليوم على تمجيد الرجل، وتبجيل الرجل، ورفعه فوق الرؤوس، والثناء عليه، وعدّه في مصاف الأئمة كذباً وزوراً وبهتاناً، وبهذا يعلم أنّ هذه القاعدة غير سديدة بل هي فاسدة، فأهل السنّة ينظرون في الأدلّة ويوازنون بينها، ويقبلون من الأقوال ما قام الدليل القطعي على صحته وترك القول الآخر. ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ رُوي عنه: "والله ما أظنُّ أنَّ أحداً أحبَّ إلى الشيطان هلاكاًً منيَ اليوم" فقيل: وكيف؟ قال: "تحدث البدعة في المشرق أوالمغرب فيحملها الرجل إلي فإذا انتهت إلي قمعتها بالسنّة فتردّ عليه"
فيتحصل لدينا أنّ الناس قسمان:
قسمٌ لا يعبأ بالجرح و التعديل، ويراه من الاختلاف الذي فيه مندوحة،وهذا منهج فاسد لا يسلكه إلا جاهل أو صاحب هوى.
والقسم الثاني: من ينظر إلى أقوال العلماء في الرجال الذين لم تسبق له به معرفة، فيحكم الدليل، فما قام الدليل على جرحه فهو مجروح ساقط، وما لم يقم الدليل على جرحه فإنه يبقى على الأصل، ومن هنا يقال: الناس ثلاثة ـ المتكلم فيهم ثلاثة ـ:
- قسم ظهرت عدالته واستقامته،فهذا هو العدل السليم المقبول.
- وقسم ظهر جرحه وانحرافه بمقتضى الأدلة، وهذا مجروح منبوذ.
- وقسم آخر الثالث مستور،فهذا يكفي أنه مستور فلايتعب الناس أنفسهم في البحث عنه.
وهنا مسلك عظيم وهو في الحقيقة قاعدة؛ أنه في حال الفتن التي تعصف في الناس وتموج بهم كان القدامى من الأئمة يمتحنون الوافدة إليهم من الأقطار فإن أثنوا على علمائهم وخيارهم أهل السنّة فيهم خيرا قرّبوهم، وإن أثنوا عليهم شراً أبعدوهم ، ومن أقوالهم في ذلك: امتحنوا أهل المدينة بمالك، وامتحنوا أهل الشام بالأوزاعي، وامتحنوا أهل مصر بالليث بن سعد، وامتحنوا أهل الكوفة بسفيان، وامتحنوا أهل الموصل بالمعافى بن عمران" انتهى.
الشيخ الدكتور محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى
سئل حفظه الله تعالى في محاضرة التمسك بالسنة : ما رأيكم حفظكم الله في هذه القاعدة لا نجعل اختلافنا في غيرنا سبب للخلاف بيننا ؟
الجواب: هذا كلامٌ باطل، هذا كلامٌ باطل؛لأنه قد يكون الخلاف بيني وبينك في أهل الأهواء، فأنت تُزكّي صاحب البدعة وتمدحه وأنا أُحذّر الناس منه، فأيُّهم الناصح لدين الله ولعباد الله ؟ أنا أو أنت ؟ الذي حذَّرَ من الأهواء وأهلها هو الناصح لدين الله - تبارك وتعالى- أما الذي أوى إلى أهل الأهواء والبدع فهذا منهم ، لأن ((المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخالل))،والإمام أحمد - رحمه الله تعالى- قد استدلّ على هوى الرجل وانحراف الرجل بطرحه السلام على أهل الأهواء -رحمه الله تعالى- فقال:"إذا رأيت الرجل يُسلّم على رجل من أهل الأهواء فاعلم أنه يحبه " ثم استدل بحديث:" أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم " فأهل الأهواء إذا كنت أنت تُزكّيهم وهذا يُحذِّر منهم وأتباعك يقولون :لا ليسوا هم أهل أهواء، أو الأمر سهل والخطب يسير، أو لا تُفرِّقوا المسلمين، أيهم أنصح لدين الله ولعباد الله ؟ لا شك أنه - هو – : الذي حذّر منهم ، فكونك تقول: لا نجعل خلافنا في غيرنا سبباً في خلافنا ، هذا غير صحيح، بل هذا الكلام عليه تحفظ نسأل الله العافية والسلامة من مثل هذه العبارات التي بدأت تظهر للناس اليوم، ففرّقت أهل السُّنة، أهل السُّنة في القديم كان الخلاف بينهم وبين أهل الأهواء، أمّا الآن فاندسّ في صفوفهم بعض المشبوهين وإن تزيّنوا بالسُّنة فما فعلوا فيهم أعظم مما فعله أهل الأهواء نسأل الله العافية والسلامة انتهى .
القاعدة الثانية : نصحح ولا نجرح
الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى
قال رحمه الله تعالى كما في الرسائل المتبادلة (297) : أن النقد من أهل العلم وتجريح من يجب جرحه من باب النصح للأمة، والتحذير من بدعته أو انحرافه أمر متعين كما فعل علماء الإسلام سابقاً ولاحقاً انتهى
الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
سئل رحمه الله تعالى : ما قيل في أخطاء أهل البدع: " نصحح ولا نجرح ".
فأجاب : هذا غلط بل نجرّح من عاند الحق.
وقال رحمه الله تعالى في الصحوة الإسلامية وضوابطها (116):" إذا كان الخلاف في مسائل العقائد فيجب أن تصحح وما كان على خلاف مذهب السلف فإنه يجب إنكاره والتحذير ممن يسلك ما يخالف مذهب السلف في هذا الباب" انتهى .
الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله تعالى
سئل حفظه الله تعالى : عن قاعدة نصحح ولا نجرح ؟
فأجاب : هذه القاعدة ما لها أصل أقول هذه القاعدة ما لها أصل، أهل الباطل لازم تجريحهم.
وسئل عن قاعدة : يجوز التخطئة ويحرم الطعن ؟
فأجاب حفظه الله تعالى : هذه مثل نصحح ولانجرح ! هي نفسها انتهى .
الشيخ العلامة زيد بن محمد بن هادي المدخلي
سئل حفظه الله تعالى كما في العقد المنضد الجديد في الأجوبة على مسائل الفقه والمناهج والتوحيد (1/158) : عن قاعدة نصحح ولا نجرح ؟
فأجاب : هذه القاعدة ليست من قواعدالعلماء الربانيين الذين يعتد بعلمهم وإنما قواعد العلماء العارفين بشرع الله المطهر سابقاً ولاحقاً التصحيح لما يستحق التصحيح والتعديل لمن هو أهل للتعديل, والتجريح لمن يستحق التجريح على ضوء القواعدالمتعلقة بهذا الموضوع الخطير وعلى هذا مشى أهل السنة والجماعة السلف الصالح وأتباعهم إلى يوم الدين وما كتب الجرح والتعديل عن الأذهان ببعيد, وهذه القاعدة فيها تلبيس على من قلَّ نصيبه من العلم الشرعي ووسائله ... وهذه من المغالطة وصاحبها إما أن يكون جاهلاً فيجب عليه أن يطلب العلم صادقاً وإما أن يكون ملبساً ومضللاً للناس فحسبه الله ونسأل الله أن يهديه ويرده إلى الحق رداً جميلا . آمين .... انتهى
ومن رد الحلبي على الحلبي :
قوله (ودَعْكَ مِن قاعدةِ: (... ويعذرُ بعضُنا بعضاً فيما اختلفنا فيه)! وقاعدةِ: (نُصَحِّحُ ولا نُجَرِّح)! -اللَّتَيْنِ قُوِّلْنَاهُما (!) بِغَيْرِ حَقّ-!!
فَهُما -كَمَا بَيَّنْتُ-قَدِيماً- على غيرِ ما نقولُ؛ فَكِلْتِاهُما إمَّا باطلٌ، أو بابٌ إلى الباطل...)
أقول : إذا كانتا قاعدتين باطلتين، فلماذا تقع فيهما وتطبقهما في منهجك الجديد .
وكيف تدافع عن أهلها من المأربي وعرعور وغيرهما .
فهي قاعدة إخوانية قال عباس السيسي في كتابه الإخوان المسلمون خمسون عاماً من الجهاد, من المذبحة إلى ساحة الدعوة (ص26) : وبدأت مرحلة الفهم في جلسات في منزلي, نستمر ليلاً ونهاراً, وقد تستمر أحياناً إلى منتصف الليل وقد يزيد العدد في الجلسة إلى خمسة وعشرين , وأكرر ما سبق أن ذكرت ؛ أن هذه الجلسات وما يدور فيها بعيدة كل البعد عن الطعن والتجريح, ولكنها فقط للتصحيح والتوضيح انتهى .
وقالها ودعا إليها عدنان عرعور بلفظ (نصحح ولا نجرح)
وأعادها أبوالحسن المأربي : بلفظ (نصحح ولا نهدم)
والحلبي يطبقها عملياً !
سابعاً : قال الحلبي (ص250) حاشية (رقم3) تعليقاً على من يرميه بالتمييع: ((وَهِيَ الَّتِي نُرْمَى بِهَا -اليَوْم!- مِنَ (البَعْضِ!)- بِسَبَبِ مُخالَفَتِنَا (الاجْتِهادِيَّة) فِي عَدَمِ الحُكْمِ عَلَى بَعْضِ الأَعْيَانِ -مِن (أهل السُّنَّة) المواقعين لبعض الخطأ، أو البدعة- بِأًَنَّهُم مُبْتَدِعَة!!)
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- الحلبي يعتبر نصيحة العلماء له، بترك باطله وميوعته مع أهل البدع والأهواء رمياً له بالباطل، وأن رميهم ليس بحق ولكن بالهوى؛ لأنه خالفهم في مسألة اجتهادية .
- ولا شك أن هذا باطل من القول وقد سبق بيانه في الحلقة السادسة .
- وزعمه أن المسائل التي وقع فيها الاختلاف مسائل اجتهادية زعم خلاف الواقع، بل هي مسائل أصولية منهجية وقد سبق بيانه في حلقة الرابعة عشرة .
- وأما وصفه لأهل البدع الذين يدافع عنهم وينافح بأنهم من أعيان أهل السنة، وأنهم وقعوا في البدع خطأ فهو على منهجه نصحح ولا نجرح، الذي يتبرأ منه قولاً ويواقعه عملاً ، وسيأتي نقل كلام أهل العلم والإيمان فيمن اعتبرهم الحلبي من الأعيان .
ثامناً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص283) حاشية رقم (1) (... فكيف إذا كان هذا الأمرُ ليس بحقِّ (مبتدعٍ)، وإنَّما هو في حقِّ سُنِّيٍّ وَقَعَ في خطأ أو بِدعة -حَسْبُ-؟!)) انتهى
وكذا قول الحلبي فيما سماه بــمنهج السلف الصالح (ص306) في الحاشية :
(... كُلُّ ذَلِكَ لأَنِّي خَالَفْتُهُم فِي تَبْدِيعِهِم وَتَضْلِيلِهِم لِـ(بعضِ) مَنْ أَدِينُ اللهَ -تَعَالَى- بِأَنَّهُ سُنِّيٌّ ذو أخطاءٍ، وَهُمْ يَقُولُون: بَلْ مُبْتَدِع -بلا تَأَنٍّ وَلاَ استِثْناء-!!) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- الحلبي يعتبر عرعور والمغراوي والمأربي ومحمد حسان وغيرهم ممن يزكيهم بأنهم من أهل السنة، وهذه مغالطة منه، وسيأتي كشفها إن شاء الله تعالى .
تاسعاً : قال الشيخ العلامة ربيع المدخلي في كتابه النصيحة كما فيما سماه الحلبي بـمنهج السلف الصالح (ص293) : ( إِنَّ العُلَمَاءَ الفُقَهَاءَ النَّاصِحِينَ قَدْ يَسْكُتُونَ عَن أَشْخَاصٍ وَأَشْيَاءَ؛ مُرَاعَاةً مِنْهُمْ لِلْمَصَالِحِ والمَفَاسِدِ .
فَقَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الكَلَامِ في شَخْصٍ مَفَاسِدُ أَعْظَمُ بِكَثِيرٍ مِن مَفْسَدَةِ السُّكُوتِ عَنْهُ.
فعلّق عليه الحلبي في حاشية (رقم2) بقوله :
وَهَذا أَصْلٌ أَصِيل، يَرُدُّ كَيْدَ كُلِّ دَخِيل، وَيَنْقُضُ مَذَاهِبَ القَالِ وَالقِيل...
فهلْ نُلزِمُ (كُلَّ أحد) في (كُلِّ بلد) أن يتكلَّم في (كُلِّ منْتَقَد)!!؟
... دون مُراعاة لفوارق الزمان، والمكان، والأعيان!!
ودون النظر إلى ما (قد) يترتَّب على هذا القولِ -أو ذاك- مِن مفاسدَ أو مصالح!!
وما (قد يترتَّب على الكلام في شخصٍ) مِن (مفاسد) ممَّا قد يكونُ (أعظمَ بكثير من مفسدة السُّكوت عنه): هو الدَّافِعُنِي (في بعض الحالات) التي لا أرى الصوابَ -فيها- تبديعَ -أَو انْتِقَادَ!- هذا الداعي، أو هذا الطالبَ للعلمِ، أو هذا العالمَ -مِمَّن هُم مِن دُعاة المنهج السَّلَفِيّ-!
وأرى أنَّ إبقاءَهُ على أصل (السَّلَفِيَّة) هو الأصلُ بلا ملامَة، بل هو بابُ الحِيطَةِ والسَّلامة...
فلئن خالَفَنِي في هذا غيري؛ فلا أقلَّ مِن أن يعذِرَني!!
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- سفسطة الحلبي حول مراعاة المصالح وتغير الزمان والمكان، سيأتي ردها ومناقشته فيها بإذن الله تعالى .
- والعلماء السلفيون لا يطلبون من الحلبي جرح أهل البدع لكن يطالبونه السكوت عن تزكية المتهمين؛ لئلا يغرر الناس بهم، قال الشيخ صالح الفوزان في ظاهرة التبديع والتفسيق (73) :" لا يجوز تعظيم المبتدعة والثناء عليهم، ولو كان عندهم شيء من الحق؛ لأن مدحهم والثناء عليهم يروج بدعتهم، ويجعل المبتدعة في صفوف المقتدى بهم من رجالات هذه الأمة. والسلف حذرونا من الثقة بالمبتدعة، وعن الثناء عليهم، ومن مجالستهم، والمبتدعة يجب التحذير منهم، ويجب الابتعاد عنهم، ولو كان عندهم شيء من الحق، فإن غالب الضُلاَّل لا يخلون من شيء من الحق؛ ولكن ما دام عندهم ابتداع، وعندهم مخالفات، وعندهم أفكار سيئة، فلا يجوز الثناء عليهم، ولا يجوز مدحهم، ولا يجوز التغاضي عن بدعتهم؛ لأن في هذا ترويجاً للبدعة، وتهويناً من أمر السنة، وبهذه الطريقة يظهر المبتدعة ويكونون قادة للأمة - لا قدَّر الله - فالواجب التحذير منهم" انتهى
- وأما ادعاؤه أن السلامة في إبقائه حيطة فيقال له لست أعلم ولا أورع ولا أتقى من السلف الذين تكلموا فيمن خالف الحق وأصر على باطله، وسيأتي مناقشة الحلبي في زعمه أن الاحتياط عدم جرحهم وما فيه من الورع البارد .
- ثم إذا أردت أن تكون محتاطاً فلِمَ لم تحتط مع العلماء السلفيين الذين اضطربت وهجت ومجت وهاجمتهم بلا هوادة طاعناً فيهم . بل هذا دليل أن الورع الذي تدعيه كورع من يسأل عن حكم قتل الذباب، وقد قتلوا الحسين فما أشبه حالك بحالهم .
- وأما قول الحلبي (فلئن خالَفَنِي في هذا غيري؛ فلا أقلَّ مِن أن يعذِرَني)
أقول : هذا فيه ما سبق من تطبيقه لقاعدة يعذر بعضنا بعضاً .
فهل يعذر أهل الباطل ومن يدافع عنهم ومن يماشيهم، بل يلحق بهم ولا كرامة كما هو منهج السلف الصالح، وقد سبق في الحلقة السابعة نقل مجموعة من أقوالهم .
محبكم
أحمد بن عمر بازمول
الأحد الموافق 19 / 7 / 1430هـ
بعد صلاة الظهر
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدأن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةبدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فقد ذكرت في التحذير السلفي سبع ملاحظات على كتاب الحلبي المسمى بـمنهج السلف الصالح وهي :
1- تأصيل وتقعيد قواعد على خلاف منهج السلف الصالح في التعامل مع أهل البدع والأهواء.
وبيانها مع ردها من الحلقة الأولى إلى الرابعة .
2- الطعن في علماء السلفية الذين لا يشك أحد في علمهم وورعهم وتقواهم فيما يظهر لهم بأسلوب ماكر، فهو لم يذكرهم بأسمائهم ولكن ذكر أموراً يعرف كل سلفي أنها لهم، وأخذ يفسرها ويهول فيها على خلاف الحق.
وبيانها مع ردها من الحلقة الخامسة إلى التاسعة .
3- طعنه في الشباب السلفي ووصفهم في هذا الكتاب وفي غيره بأوصاف لم يصفهم بها أهل البدع والأهواء .
وبيانها مع ردها في الحلقة العاشرة والحادية عشرة .
4- دفاعه عن جمعية إحياء التراث وجمعية البر بدبي دفاعاً مستميتاً .
وبيانها مع ردها من الحلقة الثانية عشرة إلى الرابعة عشرة .
5- ما اشتمل عليه الكتاب من دسائس خبيثة يحاول فيها مسوده - سود الله وجوه أهل البدع – ضرب السلفيين بعضهم ببعض، وضرب السلفيين بولاة أمرهم .
6- ما اشتمل عليه الكتاب من شدته على السلفيين، وخنوعه وتماوته ورحمته وشفقته على أهل البدع والأهواء .
وهاتان الملاحظتان قد سبق في الحلقات ما يثبتهما ويدلل عليهما وسأكتفي بما أوردته في تلكم الحلقات .
7- وأما الملاحظة الأخيرة فهي : الثناء والتمجيد لأهل البدع ويصفهم بالموحدين فهو وإن لم يذكرهم بأسمائهم إلا أنه معروف عنه الدفاع عنهم والثناء عليهم في مجالسه وفي أشرطته من أمثال عدنان عرعور والمغراوي والمأربي ومحمد حسان وغيرهم.
وهي من أهم هذه الملاحظات وعليها مدار الخلاف مع الحلبي ومن أجلها قعّد قواعده الفاسدة وطعن في بعض العلماء السلفيين والشباب السلفي!
ورد هذه الملاحظة سيكون إن شاء الله تعالى في هذه الحلقة وما بعدها .
وقبل البدء في مناقشة الحلبي في ثنائه وتزكيته لأهل البدع، رأيت أنه ينبغي تقديم مناقشة الحلبي في القواعد التي سلكها لهذه التزكيات، فمسألة تزكية أهل البدع عند الحلبي هي لب الصراع بينه وبين العلماء السلفيين؛ ولأجلها قعّد القواعد، وطعن في السلفيين علماء وطلاباً، وأثنى على خصوم السلفيين، لذا هذه المسألة هي بحق المعركة الفاصلة بين الحق والباطل في خلاف السلفيين مع الحلبي .
وقد بنى الحلبي تزكيته وحمايته لأهل البدع بل ولحرب أهل السنة على عدة قواعد :
1- التفريق بين المنهج والعقيدة بحيث لا يؤثر اختلاف المنهج إذا صحت العقيدة في زعمه ! وهيهات أن تصح العقيدة مع فساد المنهج .
2- تهويشه على الجرح المفسر ومخالفته فيه لأهل السنة والحديث، ولا سيما العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى الذي يحاول الحلبي دائماً أن يلتصق به وبينهما مسافات سحيقة عميقة .
3- اشتراط الإجماع على التبديع؛ فلا يبدع أحد إلا إذا تم الإجماع على تبديعه .
4- رد أخبار الثقات - التي دل الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح على وجوب قبولها - ؛ لإبطال جرح أهل البدع .
5- التثبت؛ لرد الحق والثبات على الباطل .
6- أصل لا يلزمني؛ لرد الحق ولو جئت بالحجج والبراهين .
7- أصل لا يقنعني ولو جئتهم بالحجج والبراهين .
8- نصحح ولا نجرح.
9- لا نجعل خلافنا في غيرنا سبباً للخلاف بيننا.
فهذه الأصول وغيرها ما هي إلا أسلحة لأهل البدع والأهواء اخترعت لحرب أهل السنة وتأليب أهل البدع والسفهاء على السنة وأهلها . ومقابلة ومواجهة لأصول أهل السنة في التجريح والتعديل وذلك من أنواع تجريد أهل السنة من أسلحة الحق التي يحمى بها الحق ويدفع بها عن الباطل .
وقد سبق مناقشته في هذه القواعد الباطلة إلا القاعدتين الأخيرتين، وهي بحاجة لكشف باطلها، وبيان عوارها ومخالفتها لمنهج السلف الصالح قبل مناقشة الحلبي في تزكيته لأهل البدع والأهواء .
عودٌ على بدء :
وإني أحمد الله تعالى على تلقي الشباب السلفي لهذه الحلقات بالقبول لما فيها من الحجة والبرهان، وعدم التعصب لأحد، إتباعاً للكتاب والسنة وسيراً على منهاج السلف الصالح رضوان الله عليهم في الرد على المخالف والتحذير منه، ورد الباطل على قائله كائناً من كان .
وما هذه الحلقات إلا بفضل الله تعالى أولاً وآخراً ثم من ثمرة جهود علمائنا السلفيين المخلصين الذين علمونا المنهج السلفي الصحيح، وحفظوه لنا من التبديل أو التحريف أو التعطيل فجزاهم الله عنَّا جميعاً خيراً .
ولا أطيل عليك أخي القارئ فإليك البيان من كلام الحلبي مع مناقشته بالحجة والبرهان :
أولاً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (75) حاشية رقم (3) : ( الاختلافَ في التبديعِ -في إطارِ (أهل السُّنَّة)- اختلافٌ سائغٌ؛ لا يُوجِبُ هجراً، ولا إسقاطاً، ولا تبديعاً...) .
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- لم يستطع الحلبي أن يصرّح بمخالفته لمنهج السلف؛ لأنه يريد أن يظل سلفياً مع كل مخالفاته ومحاربته لمنهج السلف؛ ليضلّل أكبر عدد ممكن من السلفيين، فهذا ما تريده جمعية إحياء التراث الإسلامي وأهل الأهواء الذين همّهم ضرب المنهج السلفي ورجالاته الأفذاذ .
- ومنهج الحلبي الجديد مبني على المغالطة والتفلسف، وهذا الكلام منه من أمثلة ذلك، فيجعل الحق باطلاً والباطل حقاً ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد مرّت معنا في حلقات الصيانة كثير من مغالطاته .
- فالحلبي يدّعي هنا أن اختلافه مع السلفيين فيمن يزكيهم من أهل البدع : هو من باب اختلاف أهل السنة، الاختلاف السائغ الذي لا تترتب عليه أحكام الهجر والتبديع إلى آخره.
- وفي الواقع أن الحلبي يعلم حال أولئك الذين يدافع عنهم ويثني عليهم ويماحل عنهم بالباطل ولا أدلّ على ذلك من عدة أمور تكشف حال الحلبي وأنه يتلاعب بهذه التزكيات :
أولاً : الحلبي يجالسهم ومطلّع على حالهم كما يصرّح ويفتخر بذلك فقد وقف مباشرة على ما عندهم من ضلالات .
ثانياً : أن الحلبي قد صدر منه سابقاً طعن وقدح لمن يزكيهم الآن كقوله في محمد حسان بأنه قطبي مع أن حالهم الآن أشد من السابق .
ثالثاً : أن العلماء الذين زكّوا بعض المبتدعة لما تبيّن لهم حالهم طعنوا فيهم وتراجعوا عن تزكيتهم ويدل عليه حال الإمام أحمد في ابن حميد حيث كان يثني عليه، فلما وقف على حاله تكلّم فيه وجرحه كما سبق في الحلقة الثالثة .
رابعاً : أن هؤلاء الذين يدافع عنهم الحلبي حالهم ليس ملتبساً بالنسبة له بخلاف بعض أهل العلم الذين اطّلعوا على ما عدّلوا لأجله، ولم يطّلعوا على أسباب الجرح، وهذا يقع للأئمة الكبار .
ثم يقال للحلبي :
هل أهل السنة يختلفون في من كان منهجهم قطبياً سرورياً إخوانياً ...
هل يختلف أهل السنة إذا ثبت لديهم في رجل يثني على أهل البدع ويدافع عنهم إلى غير ذلك من المخالفات مما سيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى .
ثانياً : قال الشيخ العلامة ربيع المدخلي في النصيحة كما في ما سماه الحلبي بــمنهج السلف الصالح (197)
( وَمِمَّا جُرِحَ بِهِ عِكْرِمَةُ أنَّهُ عَلَى مَذْهَبِ الصُّفرِيَّةِ الخَوَارِج.
وَقَد جَرَحَهُ بِذلِكَ بَعْضُ الأَئِمَّةِ - ولَمْ يَقْبَلِ البُخَارِيُّ جَرْحَهُمْ؛ لِضَعْفِ حُجَّتِهِمْ )
وعلّق الحلبي عليه في حاشية (رقم4) بقوله :
فَثَمَّةَ حُجَّةٌ -إِذَن-؛ لَكِنَّ البُخارِيَّ اسْتَضْعَفَها!!
فَهَلْ إِذَا تَكَرَّرَ هَذا الاختلافُ -قَبُولاً ورَدًّا- فِي تَارِيخِ عَالَمِ النَّقْد-أَو الجَرْح- حاضراً، أو مُستقبَلاً- يَكُونُ سَبَباً فِي الخُصُومَةِ، أَو الإِسْقَاط، أَو التَّنَازُع بَيْنَ هَؤُلاء المُخْتَلِفِينَ أَنْفُسِهِم -وهُم على منهجٍ صدق واحِد، واعتقادٍ واحِد حق -؟!
وَهَل لَـمَّا خَالَفَ البُخَارِيُّ -فِي ذَا- مَنْ خَالَفَ -مِمَّن جَرَحَ وَطَعَن-؛ كَانَ ذَلِكَ سَبَباً فِي إسْقَاطِ البُخَارِيِّ مع الإقرار بالفارق ! أَو اسْتِئْصَالِه، أَو الطَّعْنِ بِه؟!
مَعَ التَّذْكِيرِ أَنَّ مَوْضُوعَ الإِمَامِ البُخارِيِّ -هُنا- مَوْضُوعٌ عَقَائِدِيٌّ!!
وهذا عينُ ما أُكرِّرُهُ -دائماً- وقد انْتَقَدَهُ عَلَيَّ (بعضُ الناس!) -بغير حَقٍّ-: (لا نَجْعَلُ اختلافَنا في غيرِنا سَبَباً للخِلافِ بينَنا)...
وجَلِـيٌّ -جِدًّا- أنَّ مُرادِي بـ(اختلافنا)؛ أي: أهل السُّنَّة، ودُعاة مَنهج السَّلَف.
"ولهذا نرى العلماء مع اختلافهم الشديد في بعض المسائل لا يضلل بعضهم بعضاً ولا يبدع بعضهم بعضاً"
كما في صلاة التراويح (ص36-37) لشيخنا الإمام الهمام
وقال الشيخ ربيع بن هادي أعانه الله في بعض مقالاته مشيراً إلى بعض المبتدعة عنده وما وقع من خلاف فيه من غيره :
: " فلماذا الخلاف القائم الذي يضحك الأعداء ؟
أرجو إنصاف إخوانكم الذين لم يتبين لهم خطأ إلى الآن، وكف الألسن عنهم، بل احترامهم، وإظهار براءتهم ".
... لكنَّ المُتَعَسِّفَ -طُرًّا- لنْ يُنْصِف!
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- لا زال الحلبي مستمراً في مغالطاته، ويخلط الأوراق؛ ليخرج نفسه من مأزق تزكية أهل البدع، والذب عنهم والتأصيل لذلك ! ولو بقلب الحقائق أو التدليس والتلبيس! ففرق بين الخلاف الذي مبناه على الخطأ غير المقصود مع الاجتهاد في طلب الحق، فللمخطئ أجر ، وبين من يخطئ متعمداً ويستمر في باطله وهواه فهذا آثم مؤاخذ شرعاً .
- ثم هل الخلاف في عكرمة أحد أئمة التفسير في عصره بل أحد أئمة الدهر، كالخلاف في محمد حسان والمأربي والحويني والمغراوي وعرعور وغيرهم، وهل تلبس عكرمة ببدع ظاهرة، وحارب المنهج السلفي أم أنه أمرٌ لم يثبت عليه، ولا يصح عنه، بخلاف من تدافع عنهم فأصواتهم وكتاباتهم تدينهم وتثبت عليه بحق جرح من جرهم من العلماء السلفيين .
- وأما قول الألباني رحمه الله فهو يلتقي مع قول علمائنا السلفيين تماماً ولا يختلف وهو حجة عليك أيها الحلبي ورد لمنهجك الباطل الجديد، فهو رحمه الله يفرق بين المخطئ وبين صاحب الهوى والمصر المعاند، وكلامه في المسألة مؤصل يتنزل لرد باطلك تماماً وسأورده؛ لكثرة فوائده ولإفحام الحلبي بكلام الألباني الإمام.
قال الألباني رحمه الله في صلاة التراويح (35-39) : موقفنا من المخالفين لنا في هذه المسألة وغيرها : إذا عرفت ذلك فلا يتوهمن أحد أننا حين اخترنا الاقتصار على السنة في عدد ركعات التراويح وعدم جواز الزيادة عليها أننا نضلل أو نبدع من لا يرى ذلك من العلماء السابقين واللاحقين كما قد ظن ذلك بعض الناس واتخذوه حجة للطعن علينا توهماً منهم أنه يلزم من قولنا : بأن الأمر الفلاني لا يجوز أو أنه بدعة أن كل من قال بجوازه واستحبابه فهو ضال مبتدع كلا فإنه وهم باطل وجهل بالغ؛ لأن البدعة التي يذم صاحبها وتحمل عليه الأحاديث الزاجرة عن البدعة إنما هي " طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشيعة يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه " فمن ابتدع بدعة يقصد بها المبالغة في التعبد وهو يعلم أنها ليست من الشرع فهو الذي تنصب عليه تلك لأحاديث وأما من وقع فيها دون أن يعلم بها ولم يقصد بها المبالغة في التعبد فلا تشمله تلك الأحاديث مطلقاً ولا تعنيه البتة وإنما تعني أولئك المبتدعة الذي يقفون في طريق انتشار السنة ويستحسنون كل بدعة بدون علم ولا هدى ولا كتاب منير بل ولا تقليداً لأهل العلم والذكر بل إتباعاً للهوى وإرضاء للعوام وحاشا أن يكون من هؤلاء أحد من العلماء المعروفين بعلمهم وصدقهم وصلاحهم وإخلاصهم ولا سيما الأئمة الأربعة المجتهدين رضي الله عنهم أجمعين فإننا نقطع بتنزههم أن يستحسنوا بدعة مبالغة منهم في التعبد كيف وهم قد نهوا عن ذلك ... نعم قد يقع أحدهم فيما هو خطأ شرعاً ولكنه لا يؤاخذ على ذلك بل هو مغفور له ومأجور عليه كما سبق مراراً وقد يتبين للباحث أن هذا الخطأ من نوع البدعة فلا يختلف الحكم في كونه مغفوراً له ومأجوراً عليه لأنه وقع عن اجتهاد منه ولا يشك عالم أنه لا فرق من حيث كونه خطأ بين وقوع العالم في البدعة ظناً منه أنها سنة وبين وقوعه في المحرم وهو يظن أنه حلال فهذا كله خطأ ومغفور كما علمت ولهذا نرى العلماء مع اختلافهم الشديد في بعض المسائل لا يضلل بعضهم بعضاً ولا يبدع بعضهم بعضاً ولنضرب على ذلك مثالاً واحداً لقد اختلفوا منذ عهد الصحابة في إتمام الفريضة في السفر فمنهم من أجازه ومنهم من منعه ورآه بدعة مخالفة للسنة ومع ذلك فلم يبدعوا مخالفيهم فهذا ابن عمر رضي الله عنهما يقول : " صلاة المسافر ركعتان من خالف السنة كفر" رواه السراج في مسنده (21/122-123) بإسنادين صحيحين عنه. ومع هذا فلم يكفر ولم يضلل من خالف هذه السنة اجتهاداً بل لما صلى وراء ن يرى الإتمام أتم معه، فروى السراج أيضاً بسند صحيح عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر وعثمان صدراً من أمارته ركعتين ثم أن عثمان صلى بمنى أربعاً فكان ابن عمر إذا صلى معهم صلى أربعاً وإذا صلى وحده صلى ركعتين ".
فتأمل كيف أن ابن عمر لم يحمله اعتقاده بخطأ من يخالف السنة الثابتة بالإتمام في السفر على أن يضلله أو يبدعه بل إنه صلى وراءه؛ لأنه يعلم أن عثمان رضي الله عنه لم يتم إتباعاً للهوى - معاذ الله بل ذلك يجب عن اجتهاد منه وهذا هو السبيل الوسط الذي نرى من الواجب على المسلمين أن يتخذوه لهم طريقاً لحل الخلافات القائمة بينهم أن يجهر كل منهم بما يراه هو الصواب الموافق للكتاب والسنة شريطة أن لا يضلل ولا يبدع من لم يرَ ذلك لشبهة عرضت له لأنه هو الطريق الوحيد الذي به تتحقق وحدة المسلمين وتتوحد كلمتهم ويبقى الحق فيه ظاهراً جلياً غير منطمس المعالم ... هذا هو موقفنا في المسائل الخلافية بين المسلمين الجهر بالحق بالتي هي أحسن وعدم تضليل من يخالفنا لشبهة لا لهوى . وهذا هو الذي جرينا عليه منذ أن هدانا الله لإتباع السنة ... وذلك هو موقفنا وما أظن عاقلاً ينازعنا فيه فمن نسب إلينا غير ذلك فقد بغى وتعدى وظلم والله حسيبه ! وغرضنا من نشر السنة في هذه المسألة وغيرها بيِّن ظاهر وهو تبليغها للناس ..... فمن لم يقتنع بها لشبهة لا لهوى ولا إتباعاً للآباء والأجداد فليس لأحد عليه من سبيل لا سيما إذا كان لم يلتزمها بعض كبار العلماء كما في هذه المسألة . والتوفيق من الله سبحانه انتهى
- وأما كلام الشيخ ربيع المدخلي فلا أدري هل بك عقل، أم أنك لا تفهم الكلام، أم ملبس ومدلس؟
أما قال الشيخ العلامة ربيع المدخلي حفظه الله تعالى (أرجو إنصاف إخوانكم الذين لم يتبين لهم خطأ إلى الآن،) فهل أنت لم يتبين لك الخطأ ولم تقف عليه ؟
إذن أنت لست داخلاً في كلام الشيخ بل أنت صاحب هوى ..
- ومن رد الحلبي على الحلبي :
ما نقله فيما سماه بـمنهج السلف (72-73) عن العلامة الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله تعالى أنه قال : كل من وقع في البدع لا يبدع؛ لأنا لو أخذنا بهذه القاعدة؛ لبدعنا أكثر أئمة الإسلام، فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : إنه كثير من أئمة السلف والخلف، وقع في البدعة من حيث لا يشعر، إما لأنه اعتمد حديثاً ضعيفاً، أو فهم من النص غير مراد الله، ومراد رسوله أو لاجتهاد .
الآن عندنا أئمة مجتهدون، وقد يؤديه اجتهاده إلى خطأ أو بدعة فإذا عرفنا سلامة المنهج، وسلامة المقصد، والبعد عن الهوى، تحري الحق، إذا عرف هذا عنه، ثم وقع في بدعة لا يبدع.
لكن إذا عرفنا منه الهوى، وعرفنا منه سوء القصد، وعرفنا منه أشياء تدل على أنه يريد البدعة هذا يبدع.
لهذا تجدهم: حكموا على كثير من الناس بأنهم مبتدعة.
وكثير من الناس وقعوا في أخطاء ما سموهم مبتدعة؛ لأنهم عرفوا سلامة مقصدهم، وحسن نواياهم، وتحريهم للحق وسلامة المنهج الذي يسيرون عليه" انتهى
وقول الحلبي (وَهَل لَـمَّا خَالَفَ البُخَارِيُّ -فِي ذَا- مَنْ خَالَفَ -مِمَّن جَرَحَ وَطَعَن-؛ كَانَ ذَلِكَ سَبَباً فِي إسْقَاطِ البُخَارِيِّ مع الإقرار بالفارق ! أَو اسْتِئْصَالِه، أَو الطَّعْنِ بِه؟!)
أقول : إن البخاري لم يخاصم من جرح عكرمة وإن كان فيهم من هو مجروح، ولم يؤصل لحرب أهل السنة الذين جرحوا عكرمة ثم ليس عند من طعن في عكرمة حجج واضحة فأسقطها البخاري .
وما كانت إلا شبهات لا تثبت عند أهل النقد المتجرد من الأهواء فقياسات الحلبي باطلة واضحة البطلان والتهافت :
حجج تهافت كالزجاج تخالها *** حقاً وكل كاسر مكسور
ثالثاً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص201) حاشية رقم (2) :
بَعْضِ (المُتَعَجِّلِينَ) -اليَوْمَ- مِمَّن إِذَا خُولِفَ قَوْلُهُم فِي مَسْأَلَةٍ، أَوْ رَاوٍ، أَوْ مُتُكَلَّمٍ فِيه: هَاجُوا وَمَاجُوا، واضْطَرَبُوا، وَشَرَّقُوا وَغَرَّبُوا!
مَعَ اتِّفَاقِ المُخالَفِ وَالمُخَالِف -كِلَيْهِما- فِي أُصُولِ العَقِيدَةِ وَالمَنْهَج -جُمْلةً وَتَفْصِيلاً-؛ إِنَّما الخِلافُ -حَسْبُ!- فِي تَنْزِيلِ أُصُولِ النَّقْدِ -هذه- عَلَى فَرْدٍ بِعَيْنِهِ -أو أكثرَ- مِمَّن تُكُلِّمَ فِيه!!
فَهَلْ عُدَّ هَذا -يَوْماً- بَيْنَ (أَهْلِ العِلْم = أهل السُّنَّة)- سَبِيلاً لِلتَّدابُرِ وَالتَّبَاغُض؟!)) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- لا يزال الحلبي مستمراً في سوء أدبه مع العلماء فيصفهم بالعجلة - وهذا حال من لم يطلب العلم على أيدي العلماء ولم يتربَ على أيديهم أو حال أصحاب الهوى – وقد سبق رد سوء أدبه في الحلقة الثامنة حين وصف بعض شيوخ الفتوى بالعجلة عامله الله بما يستحق .
- والمشايخ السلفيون من خالفهم معانداً للحق، مصراً على باطله ردوا عليه باطله وبينوا الحق صريحاً بلا مجاملة ولا مداهنة ويعاملون كل مخالف بما يناسبه، فمن خالف الحق لشبهة ترفقوا به، ومن خالف الحق معانداً : عاملوه بما يستحق من الشدة في بيان الحق : فهل تعتبر يا حلبي : أن هذه المعاملة للمخالف المعاند اضطراباً وهيجان بأمواج الغضب فالله حسيبك !!!
- ولا يستحي الحلبي من موقفه المخالف للعلماء الكبار، فيعتبر نفسه نداً للعلماء الكبار فيقول: (مع اتفاق المخالِف والمخالَف) مع أن الواجب على طالب العلم احترام العلماء الكبار وتقديرهم وعدم التعامل معهم بسوء الأدب هذا .
- وزَعْمُ الحلبي أنه على اتفاقٍ مع العلماء الكبار في الأصول حيث قال: ( مَعَ اتِّفَاقِ المُخالَفِ وَالمُخَالِف -كِلَيْهِما- فِي أُصُولِ العَقِيدَةِ وَالمَنْهَج -جُمْلةً وَتَفْصِيلاً-؛ إِنَّما الخِلافُ -حَسْبُ!- فِي تَنْزِيلِ أُصُولِ النَّقْدِ -هذه- عَلَى فَرْدٍ بِعَيْنِهِ -أو أكثرَ- مِمَّن تُكُلِّمَ فِيه!!) انتهى
أقول : لا والله ما اتفقت مع المشايخ الكبار فقد خالفتهم وعاندتهم وأصررت على باطلك مع نصحهم المتكرر والمستمر لك ولكن لا حياة لمن تنادي ..
وقد وقع الحلبي في مسائل كثيرة خالف فيها المنهج السلفي منها :
- التفريق بين المنهج والعقيدة المترتب عليه عدم تأثير اختلاف المنهج إذا صحت العقيدة .
- اعتباره وصف الصحابة بالغثائية ليس سباً .
- مخالطة أهل البدع والثناء عليهم والدفاع عنهم .
- تقعيد القواعد الباطلة المخالفة لمنهج السلف الصالح .
- اشتراطه الإجماع لقبول الجرح .
إلى آخر الأصول التي أصلها هو وحزبه لحرب أهل السنة، وقد مرَّ بعضها .
فليس الخلاف محصوراً في تنزيل الأصول المتفق عليها بل الخلاف في موضعين على سبيل الإجمال :
- خلاف في تقعيدك للقواعد والأصول الفاسدة التي تحارب بها المنهج السلفي والسلفيين .
- تطبيقك للأصول السلفية على خلاف منهج السلف وتلاعبك في هذا التطبيق بليّ أعناق النصوص والآثار على هواك .
رابعاً : قال الشيخ العلامة ربيع المدخلي حفظه الله تعالى في كتابه النصيحة التي أوردها الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (207) : وَمِمَّا وَقَعَ فيه المُتَشَدِّدُونَ -بِغَيْرِ حَقٍّ- اليَوْمَ-:
الإِنْكَارُ عَلَى مَنْ يُخَالِفُ غَيْرَهُ -فِي بَابِ الجَرْح-؛ عَلَى اعْتِبارِ أَن يَجْرَح الجَارِحُ بِمَا لا يُعْتَبَرُ جَرْحاً عِنْدَ غَيْرِهِ!!
وعلّق عليه بقوله في الحاشية (رقم2) :
وهذا معنىً لطيفٌ لِـمَا أُكَرِّرُهُ -دائماً- من قولي : «لا يجوزُ أنْ نجعلَ خِلافَنا (الاجتهادي المعتبر = نَحْنُ أَهْلَ السُّنَّةِ) فِي غَيْرِنا (مِمَّن خَالَفَ السُّنَّة: مِنْ مُبْتَدِعٍ، أَوْ سُنِّيٍّ وَقَعَ فِي بِدْعَة): سَبَباً فِي الخِلاَفِ بَيْنَنا (نَحْنُ أَهْلَ السُّنَّة)»؛ بَلْ نَتَناصَحُ بالعِلمِ والحَقِّ، وَنَتَواصَى بِالصَّبْرِ وَالمَرْحَمَة ...
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- كلام الشيخ العلامة ربيع المدخلي حفظه الله تعالى في بيان أن الجارح قد يجرح بجرح مثله غير معتبر من باب الخطأ لا من باب التعمد، ويوضح هذا قوله حفظه الله تعالى ( ... هَذِهِ قَاعِدَةُ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَالحَدِيثِ، ولَيْسَتْ بِظَالِمَةٍ، بَلْ هِيَ مِن صَمِيمِ العَدْلِ الَّذِي جَاءَ بِهِ الإِسْلامُ؛ لأَنَّ العَالِمَ قَد يُخْطِئُ في الجَرْحِ أَو في التَّعْدِيلِ، فَيُصَحِّحُ أخُوهُ خَطَأَهُ -في هَذَا أَو هَذَا-.
وَقَد يَجْرَحُ العَالِمُ بِغَيْر جَارِحٍ؛ فَيَرُدُّ العُلَمَاءُ النُّقَّادُ جَرْحَهُ -إِنْصَافاً لِـمَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ هَذَا الجَرْحُ-...
نَعَمْ؛ إِذَا كَانَ الجَارِحُ مِن العُلَمَاءِ الأُمَنَاءِ العَارِفِينَ بِأَسْبَابِ الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ، والمُعْتَرِضُ جَاهِلاً أَو صَاحِبَ هَوىً؛ فَلا عِبْرَةَ بِاعْتِرَاضِهِ ) انتهى
وهو موافق لكلام الألباني السابق .
فأنت يا حلبي داخل في قول الشيخ العلامة ربيع المدخلي: ( المُعْتَرِضُ جَاهِلاً أَو صَاحِبَ هَوىً؛ فَلا عِبْرَةَ بِاعْتِرَاضِهِ) .
فأنت صاحب هوى فلا عبرة باعتراضك أصلاً دفاعاً أو ثناء .
وقول الحلبي (خلافناالاجتهادي المعتبر)
أقول : سبق بيان أن الخلاف مع الحلبي ليس اجتهادياً معتبراً كما في الحلقة الرابعة عشر.
وقول الحلبي (نَحْنُ أَهْلَ السُّنَّةِ)
أقول : لو قال أنتم أهل السنة؛ لكان أصدق؛ إذ أن حاله مغاير لحال أهل السنة، باعترافه هو بأنه تراجع وتغيّر منهجه كما في الحلقة السادسة .
وقول الحلبي (أَوْ سُنِّيٍّ وَقَعَ فِي بِدْعَة)
سبق بيان الفرق بين السني الذي وقع في البدعة، والمبتدع المصر على بدعته؛ ولكن الحلبي يغالط ويسفسط على منهجه الباطل .. .ويعتبر أهل البدع سلفيين عندهم أخطاء أو وقعوا في بدع لا يبدعون بسببها .
وقول الحلبي (سَبَباً فِي الخِلاَفِ بَيْنَنا)
أقول : نعم أهل السنة لا يكون الاختلاف سبباً للخلاف بينهم؛ لأنهم يطلبون الحق ويسيرون على الأصول السلفية، ويعذرون المخطئ أما المعاند المخالف المصر على باطله فهذا ليس منهم ..
خامساً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص 208) حاشية (رقم1) :
وَعَلَيْه؛ فَإِنَّ تَخْطِئَةَ الجَارِحِ -فِي بَعْضِ مَا جَرَحَ-، أَوْ تَصْحِيحَهُ في بعضِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ خَطَؤُهُ فِيه: لَيْسَت -بِأَيِّ حَالٍ مِنَ الأَحْوَال- طَعْناً فِيهِ، أَوْ تَقْلِيلاً مِنْ مَكَانَتِهِ وَمَنْزِلَتِهِ ...
وفي «نصيحة إسحاق بن أحمدَ العَلْثِيِّ لابن الجوزيّ»-ضمن «ذيل طبقات الحنابلة» (3/452-453) -لابن رجب- قولُهُ -له-:
«بيننا وبينك كتابُ الله، وسُنَّةُ رسولِهِ؛ قال الله -تعالى-: (فإن تنزعتم في شيء فردوده إلى الله والرسول)، ولمْ يقُل: إلى ابن الجوزي!»..
قُلْتُ: وَلاَ: إِلَى غَيْرِهِ!!!
ولقَدْ قُلْتُ مِثْلَ هَذا القَوْلِ (قريباً) لبعض الناس ممن أراد إلزامي بأقوالِهِ، وإلحاقي بحالِه-وشَدَّد وتشَدَّد، وهدَّدَ وتوعَّد! -فكان هذا آخِرَ كلامِي (الوَدَاعِيِّ) له - بَعْدَ تَقْبِيلِي يَدَهُ وَرَأْسَهُ-...
... وَقَدْ (نَصَحْتُهُ) -أَعَانَهُ الله- فِي اللَّحْظَةِ نَفْسِها- حَقَّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِم- بِقِرَاءَةِ هَذِهِ «النَّصِيحَة» -النَّافِعَة- الَّتِي هِيَ أَصْلُ هَذا الكِتَاب -عَلَى الصَّوَاب-؛ لَعَلَّ وَعَسَى!!
والأصل أن الخلاف لو احتد أن لا يستمر من جهة وأن لا يصل إلى القلوب من جهة أخرى :
روى الخلال في السنة (ص715) عن سعيد بن المسيب قال : شهدت علياً وعثمان وكان بينهما نزغ من الشيطان فما ترك واحد منهما لصاحبه شيئاً إلا قاله فلو شئت أن أقص عليكم ما قالا لفعلت ثم لم يبرحا حتى اصطلحا واستغفر كل واحد منهما لصاحبه .
وقد روى البخاري في صحيحه (4366) عن ابن أبي مُلَيْكَةَ قال كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا أي : أبو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم ... فقال أبو بَكْرٍ لِعُمَرَ ما أَرَدْتَ إلا خِلَافِي قال ما أَرَدْتُ خِلَافَكَ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا ...
قلت : ولم يؤثر ذا قليلاً أو كثيراً على عظيم صلتهما ومكانتهما وكبير أخوتهما ومنزلتهما ..) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- أطلق الحلبي الحكم فسوَّى بين من وقع في الخطأ دون قصد، وبين المصر على باطله ولا شك أن هذا من الظلم والتسوية بين الحق والباطل وقد سبق رده من كلام الإمام الألباني .
فهلا سار على دربه، ومشى على نهجه، وترك ما عليه من حدثه .
- وأما قول العلثي رحمه الله تعالى فهو حق وأصل من الأصول السلفية التي يسير عليها السلفيون، ويردون بها على كل مخالف للحق مثلك أيها الحلبي .
- وأما (ولقَدْ قُلْتُ مِثْلَ هَذا القَوْلِ (قريباً) لبعض الناس ممن أراد إلزامي بأقوالِهِ، وإلحاقي بحالِه-وشَدَّد وتشَدَّد، وهدَّدَ وتوعَّد! -فكان هذا آخِرَ كلامِي (الوَدَاعِيِّ) له - بَعْدَ تَقْبِيلِي يَدَهُ وَرَأْسَهُ-...
- أقول في النسخة القديمة التي تداولها من اختارهم الحلبي : ( ولقَدْ قُلْتُ مِثْلَ هَذا القَوْلِ (قريباً) -تماماً- لشيخ فاضلٍ أراد إلزامي بأقوالِهِ، وإلحاقي بحالِه-وشَدَّد وتشَدَّد، وهدَّدَ وتوعَّد! -فكان هذا آخِرَ كلامِي (الوَدَاعِيِّ) له - بَعْدَ تَقْبِيلِي يَدَهُ وَرَأْسَهُ -...) انتهى .
أقول: هذا يبين أن المراد بهذا الكلام هو الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى، ولا شك أن هذا من سوء أدبه مع الشيخ ربيع، فالشيخ ربيع المدخلي معروف بجهاده ودعوته السلفية الواضحة النيرة التي شهد له به جماعة من أهل العلم الكبار في العالم الإسلامي . كما سبق نقله في الحلقة الخامسة .
وهذه الآية أنت أحوج بأن تتلى عليك يا حلبي ليل نهار حتى تتقي الله في حالك وباطلك وأوحالك .
وأما قوله عن الشيخ العلامة حامل راية الجرح والتعديل ربيع المدخلي حفظه الله تعالى : بأنه شدد وتشدد وتوعد فهذا من افترائه وتَقَوَّله عليه، فالشيخ ربيع صبر وتصابر وصابر في معاملتك محاولاً إصلاحك وهدايتك للحق لسنوات كثيرة ! ولكن دون جدوى ! وقد سبق رد هذه الفرية في الحلقة السابعة .
وأما تقبيلك ليد الشيخ ورأسه فما الفائدة منه وأنت تطعن في الشيخ في مجالسك الخاصة، وتؤلّف الكتب في الطعن فيه، وتفتري عليه، وما هذا الصنيع إلا بصنيع الذئاب المخادعة أليق لا الأتقياء أولي الألباب .
وأما نصيحتك للشيخ ربيع بأن يقرأ نصيحته لفالح فهذا فيه ما سبق من سوء الأدب مع أهل العلم الكبار، وسوء الأدب هذا للأسف يصدر ممن يتصدّر لدعوة الشباب فلا شك أنك بحاجة لدعوة نفسك قبل إصلاحك لدعوة غيرك .
ثم الشيخ العلامة ربيع المدخلي لم يخالف ما في نصيحته قولاً ولا فعلاً؛ بل هو يسير على الحق بفضل الله عليه ومنته لم يتغير ولم يتبدل كحالك أيها الحلبي وأوحالك .
وأما ما حصل من الخلاف بين علي وعثمان رضي الله عنهما وعن جميع الأصحاب، فهذا خلاف للوصول للحق، وليس مع الإصرار على الباطل ورد الحق، وفي كلام الإمام الألباني ما يوضّح هذا المعنى كما سبق نقله عنه في موقف ابن عمر مع عثمان رضي الله عنهم أجمعين .
فهل تقول يا حلبي أن أحداً من الصحابة يقر مخالفة الحق والإصرار عليه، أو يقر الباطل ولا يغار على دين الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ما هذا الخصام بالباطل الذي تخوض فيه وتلج فيه دون مراعاة ومراقبة لكلماتك وأقوالك حتى تتهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بإقرار الباطل ولا حول ولا قوة إلا بالله ! فهذه من نتائج منهجك الجديد الذي تسير عليه وتفخر أنك وفقت إليه ! وصدق السلف رضوان الله عليهم :" من كان مستناً فليستن بمن قد مات – أي أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم - فإن الحي – من بعد الصحابة - لا تؤمن عليه الفتنة " .
وحالك كما قال حذيفة رضي الله عنه :" اعلم أن الضلالة حق الضلالة أن تعرف ما كنت تنكره وأن تنكر ما كنت تعرفه وإياك والتلون فإن دين الله واحد" أخرجه معمر في الجامع (11/249رقم20454) .
وقد سبق في الحلقة السابعة نقل موقف عبدالله بن عُمر وعبد الله بن مغفل لمن خالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم بعد بيانها لهم من أولادهما!
وقول الحلبي (روى الخلال في السنة (ص715))
أقول : صوابه : السنة للخلال (2/460رقم715) .
وهذا الأثر: بنفس السند والمتن في العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد (2/214رقم2053).
وأما اختلاف أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فكان بسبب تأمير الأقرع بن حابس أو القعقاع بن معبد على بني تميم كما في فتح الباري (13/279) وليس في مخالفة الحق .
والحديث يفسر هذا الاختلاف : ففي صحيح البخاري : عن ابن أبي مُلَيْكَةَ قال كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا أبو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم حين قَدِمَ عليه رَكْبُ بَنِي تَمِيمٍ فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالْأَقْرَعِ بن حَابِسٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ وَأَشَارَ الْآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ قال نَافِعٌ لَا أَحْفَظُ اسْمَهُ فقال أبو بَكْرٍ لِعُمَرَ ما أَرَدْتَ إلا خِلَافِي قال ما أَرَدْتُ خِلَافَكَ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا في ذلك فَأَنْزَلَ الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ الْآيَةَ ..
ثم اختلاف الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ليس من باب الجدل والاختلاف في الحق، ومعارضته بالهوى والجهل؛ فهم منزهون عن ذلك، ولا أدري أين عقل الحلبي حين يقيس خلافه المعارض للحق بحال الصحابة رضوان الله عليهم !!
سادساً : قال الشيخ العلامة ربيع المدخلي في النصيحة كما في منهج السلف (ص229) : ( إِذَا وَقَعَ مِن طَرَفٍ -أَو مِن أطرافٍ -وَبِخاصَّةٍ أَهْلَ السُّنَّةِ- تَبْدِيعٌ أَو تَضْلِيلٌ؛ فلا بُدَّ مِن بَيَانِ أَسْبَابِ هَذَا التَّبْدِيع بَيَاناً شَافِياً تَقُومُ بِهِ الحُجَّةُ، وَيُقْطَعُ بِهِ دَابِرُ الفِتْنَةِ، وَيَظْهَرُ للنَّاسِ أَنَّ أَحْكَامَ الطَّرَفِ المُبَدِّعِ قَامَتْ عَلَى عِلْمٍ وَحُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ -فِي الطَّرَفِ المُبَدَّع-.
فعلّق عليه الحلبي بقوله في الحاشية (رقم1) : وَمَا لَمْ يَكُن سَبِيلُهُ هَذا الشِّفَاءَ وَالوُضُوحَ؛ فَالأَصْلُ-فِيهِ- إِعْمَالُ قاعِدَةِ (التَّعاوُنِ الشَّرْعِيّ)، وَالتَّواصِي بِالحَقِّ وَالصَّبْر، وَالتَّناصُح -فيه-؛ حتى (تَقُومَ بِهِ الحُجَّة)، وتظهر المَحَجَّة، أو: (يغن الله كلاً من سعته) ...
ودَعْكَ مِن قاعدةِ: (... ويعذرُ بعضُنا بعضاً فيما اختلفنا فيه)! وقاعدةِ: (نُصَحِّحُ ولا نُجَرِّح)! -اللَّتَيْنِ قُوِّلْنَاهُما (!) بِغَيْرِ حَقّ-!!
فَهُما -كَمَا بَيَّنْتُ-قَدِيماً- على غيرِ ما نقولُ؛ فَكِلْتِاهُما إمَّا باطلٌ، أو بابٌ إلى الباطل...) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- مراد الشيخ العلامة ربيع المدخلي أن الجارح لابد أن يذكر أسباب الجرح، ولا يذكر الجرح مجملاً، بحيث يظهر حجته في هذا الجرح؛ إذ لو فتح الباب لضاعت الحقوق، وطعن في الأعراض، ولم يستقم حال الناس .
- والحلبي يريد أن ينزل كلام الشيخ العلامة ربيع المدخلي على محمد حسان والحويني والمأربي والمغراوي وعرعور وغيرهم من أهل البدع، ليقول : لم تقم حجة على تبديعهم شافية واضحة !!
- وهذه من مغالطاته التي بنى عليها منهجه الجديد، وإلا فما وقع فيه هؤلاء من التأصيل الفاسد ومنهج الإخوان ومنهج التكفير ومنهج القطبية والسرورية وغيره بلا شك أنه جرح واضح مفسر ولكن من عميت بصيرته لا عبرة بقوله .
- وقول الحلبي (إِعْمَالُ قاعِدَةِ (التَّعاوُنِ الشَّرْعِيّ)
- أقول : لا شك أن التعاون الشرعي يكون بما جاء في الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح، وما سواه فليس بشرعي كما هو مقرر معلوم عند أولي الأبصار؛ فهل من منهج السلف التعامل مع أهل البدع واحترامهم وتقديمهم للناس بأنهم دعاة سنة! لا شك أن هذا من الخيانة للأمانة وتضييع للسنة والديانة .
- وقول الحلبي (حتى (تَقُومَ بِهِ الحُجَّة)، وتظهر المَحَجَّة، أو: (يغن الله كلاً من سعته) ...)
أقول : لا شك أن الحجة قد قامت على هؤلاء الذين تعتبرهم يا حلبي بأنهم من أعيان أهل السنة، بحيث أصبحوا يطعنون في المنهج السلفي وأهله بكل وضوح، ولا أدري ماذا يريد الحلبي بهذه الليونة والميوعة وإلى أي حد يريد أن يصل !!
وقول الحلبي (ودَعْكَ مِن قاعدةِ: (... ويعذرُ بعضُنا بعضاً فيما اختلفنا فيه)! وقاعدةِ: (نُصَحِّحُ ولا نُجَرِّح)! -اللَّتَيْنِ قُوِّلْنَاهُما (!) بِغَيْرِ حَقّ-!!)
أقول : ينفي الحلبي عن نفسه العمل بقاعدتين باطلتين مخالفتين لمنهج السلف الصالح :
الأولى : لا نجعل خلافنا في غيرنا سبباً للخلاف بيننا .
الثانية : نصحح ولا نجرح .
وهذه مغالطة أخرى من الحلبي وإليك بيانها :
أما قاعدة : لا نجعل خلافنا في غيرنا سبباً للخلاف بيننا.
فقد قررها في مواطن في كتابه وكذا في مجالسه، ومنها الجلسة التي رد عليه فيها الشيخ سعد الزعتري حيث قال الحلبي المسكين كما في تنبيه الفطين (69) : ( نحن ليس بسبب عبدالخالق نعادي الناس كلهم، نحن نبيِّن ونقول كلمة أكثر من مرة: لا يجوز أن نجعل خلافنا في غيرنا سبباً للخلاف بيننا، من جعل خلافه في غيره سبباً في الخلاف بينه أنا أقول هذا أحمق ليش؟ لأنه إذا اختلف مع أخيه بسبب غيره سيكون مستفيداً هذا الغير إذا خسر أخاه من المستفيد؟ الخصم. وأين العدل في ذلك ؟ وأين الإنصاف؟ وأين الحرص؟ ) انتهى
أقول : فهذا كلام واضح جداً في تقرير القاعدة السابقة التي ينفيها الحلبي عن نفسه!
بل هذا كلام سيء للغاية إذ يعتبر الحلبي عامله الله بما يستحق أن تطبيق المنهج السلفي مع أهل البدع ومن يجالسهم ويدافع عنهم ويثني عليهم حماقة وسفاهة !
ولا أظن أني بحاجة إلى تعليق على هذا الكلام القبيح إذ قبحه أبلغ من رده، واكتفي برد الشيخ سعد الزعتري حفظه الله تعالى في الموطن المشار إليه من تنبيه الفطين .
ولما شعر الحلبي أنه تورّط أخذ يهرب من عمومها ويقيده بما يلي :
- أنه اختلاف اجتهادي سائغ في أطار أهل السنة، مع اتفاق المُخْتَلِفَيْن في أصول العقيدة والمنهج جملة وتفصيلاً، وأن الخلاف بينه وبين العلماء السلفيين فقط في تنزيل القواعد وتطبيقها، وأن من زكاهم ليسوا بمبتدعة بل من أعيان أهل السنة .
وإليك أقواله من كتابه المسمى بــمنهج السلف الصالح التي تدل على وقوعه في القاعدة التي ينفيها عن نفسه :
- (ص47) (..... وَلَسْتُ أَلُومُ غَيْرِي إِذا رَأَى غَيْرَ رَأْيِي؛ لَكِنْ: لِيَعْذِرْنِي... ".)
- (ص68) (لذلك قال من قال من الصحابة رضي الله عنهم تأصيلاً : "الخلاف شر" وأجل منه قول النبي صلى الله عليه وسلم تقعيداً :"الجماعة رحمة والفرقة عذاب")
- (ص75) حاشية رقم (3) : ( الاختلافَ في التبديعِ -في إطارِ (أهل السُّنَّة)- اختلافٌ سائغٌ؛ لا يُوجِبُ هجراً، ولا إسقاطاً، ولا تبديعاً...) .
- (ص201) حاشية رقم (2) : ( ... مَعَ اتِّفَاقِ المُخالَفِ وَالمُخَالِف -كِلَيْهِما- فِي أُصُولِ العَقِيدَةِ وَالمَنْهَج -جُمْلةً وَتَفْصِيلاً-؛ إِنَّما الخِلافُ -حَسْبُ!- فِي تَنْزِيلِ أُصُولِ النَّقْدِ -هذه- عَلَى فَرْدٍ بِعَيْنِهِ -أو أكثرَ- مِمَّن تُكُلِّمَ فِيه!!...)) انتهى
- (207) حاشية (رقم2) : ( وهذا معنىً لطيفٌ لِـمَا أُكَرِّرُهُ -دائماً- من قولي : «لا يجوزُ أنْ نجعلَ خِلافَنا (الاجتهادي المعتبر = نَحْنُ أَهْلَ السُّنَّةِ) فِي غَيْرِنا (مِمَّن خَالَفَ السُّنَّة: مِنْ مُبْتَدِعٍ، أَوْ سُنِّيٍّ وَقَعَ فِي بِدْعَة): سَبَباً فِي الخِلاَفِ بَيْنَنا (نَحْنُ أَهْلَ السُّنَّة)»؛ بَلْ نَتَناصَحُ بالعِلمِ والحَقِّ، وَنَتَواصَى بِالصَّبْرِ وَالمَرْحَمَة ... )
- (ص250) حاشية رقم (3) (وَهِيَ الَّتِي نُرْمَى بِهَا -اليَوْم!- مِنَ (البَعْضِ!)- بِسَبَبِ مُخالَفَتِنَا (الاجْتِهادِيَّة) فِي عَدَمِ الحُكْمِ عَلَى بَعْضِ الأَعْيَانِ -مِن (أهل السُّنَّة) المواقعين لبعض الخطأ، أو البدعة- بِأًَنَّهُم مُبْتَدِعَة!! ...) .
- (ص293) حاشية (رقم2) وما (قد يترتَّب على الكلام في شخصٍ) مِن (مفاسد) ممَّا قد يكونُ (أعظمَ بكثير من مفسدة السُّكوت عنه): هو الدَّافِعُنِي (في بعض الحالات) التي لا أرى الصوابَ -فيها- تبديعَ -أَو انْتِقَادَ!- هذا الداعي، أو هذا الطالبَ للعلمِ، أو هذا العالمَ -مِمَّن هُم مِن دُعاة المنهج السَّلَفِيّ-! وأرى أنَّ إبقاءَهُ على أصل (السَّلَفِيَّة) هو الأصلُ بلا ملامَة، بل هو بابُ الحِيطَةِ والسَّلامة...فلئن خالَفَنِي في هذا غيري؛ فلا أقلَّ مِن أن يعذِرَني!!) انتهى
- وهذه المزاعم من الحلبي والمغالطات يماحل الحلبي فيها بالباطل وقد سبق ردها وسيأتي الرد على بقية كلامه إن شاء الله تعالى .
وأما القاعدة الثانية : نصحح ولا نجرح .
فتقريرها قولاً فإليك كلام الحلبي فيها : فقد سئل الحلبي: ما رأيكم في المخالفين لمنهج أهل السنة كالحويني والمغراوي والمأربي وعرعور؟
فأجاب الحلبي بقوله : أناأقول إن هؤلاء أنا أعرفهم منذ سنوات بعيدة، وقرأت ما كتبوا وسمعت ما قالوا، أناأعلم أن عندهم أخطاء وبعض هذه الأخطاء قد لا يكون قليلاً ...، أنا من استطيع منهم أن أناصحه،أناصحه ، وأذكره ، وأبين له خطأه ، وأتواصى معه بالحق والصبر لكني أخاف الله وأتقيه في أن أبدعهم، أو أن أخرجهم من السنة .... وإذا كنت أعرف أنا أن عندهم أخطاء، وهذه الأخطاء أعالجها، بقدر ما أستطيع من نصيحة من هذه الأخطاء، لكن أعرف ، أن هؤلاء على ثغرات أن أصولهم أصول عقائدية سنية سلفية، ولا أحد منهم يقول أنا لست بسلفي، أو أنا قطبي أو أنا حزبي، أو أنا تكفيري بل كلهم يتبرأ من ذالك، وإن كانت يعني على فترات وعلى درجات ، فأنا أخاف الله واتقيه في أن أقول هؤلاء تكفيريون ، أو قطبيون، أو حزبيون وأنا أعلم وربي يعلم مني أني لست بقناعة على أن هؤلاء على ذلك ، وإن كانوا مخطئين وإن كنت أخطأهم وأحذر من أخطائهم ، لكني أخاف الله ،ومن لا يخاف الله في تبديعهم فليبدعهم ، أما أنا فأخاف الله واتقيه في ذلك ... انتهى
وله كلام آخر منه ما أورده الشيخ سعد الزعتري في كتابه تنبيه الفطين لتهافت تأصيلات علي الحلبي المسكين (65-77) مع مناقشته فيه .
وأما فعلاً فأنا أجزم بأن الحلبي يمشي عليها، ويطبقها في منهجه الأفيح الجديد فعلاً .
فهو يعامل أهل البدع ويثني عليهم ويدافع عنهم، ولا يجرحهم، وينادي بعدم تبديعهم، ويطعن فيمن يتكلم فيهم، ويصوره بأبشع الصور، وهذا غاية وثمرة : نصحح ولا نجرح وأخواتها .
بل لعل الحلبي بمنهجه الجديد يزيد في القاعدة (نصحح ولا نجرح، ونجرح من يجرح)
وقد سبق في الحلقة السابعة، وفي هذه الحلقة عند كلامه على قاعدة يعذر بعضنا بعضاً، وما سيأتي من كلام الحلبي تزكيته لأهل البدع، ما يفيد تطبيق الحلبي لقاعدة نصحح ولا نجرح .
فنفي الحلبي لهما قولاً، وتطبيقه لهما عملاً : لا يفيده، بل يزيد في مراوغته وتفلته من الحق بمثل هذه المماحلات .
وقول الحلبي (فَكِلْتِاهُما إمَّا باطلٌ، أو بابٌ إلى الباطل...)
أقول : أما كونهما باطلتين فهذا هو الحق.
وأما كونهما باب إلى الباطل فهذا فيه تمييع وتضييع للقضية، بل هما قاعدتان باطلتان تصطدمان مع منهج السلف مباشرة، وقد حكم أهل العلم والإيمان ببطلانها مطلقاً دون التلاعب الذي جنح إليه الحلبي كما هي عادته .
وإليكم كلام أهل العلم والإيمان على هاتين القاعدتين :
القاعدة الأولى : لا نجعل خلافنا في غيرنا سبباً للخلاف بيننا
الشيخ العلامة أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله تعالى
قال الحلبي
(( فإذا ضاقت الأمور، واختلفنا في فلانٍ؛ فلا يجوز البتة أن نجعل اختلافنا في غيرنا سبباً للاختلاف بيننا، وإلاَّ كان سبيلاً كبيراً يستفيد منه المخالفون أكثر ما يستفيدون ))
فتعقبه العلامة الشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله تعالى
أقول : على أيِّ شيءٍ يجب اجتماعنا؛ أليس على الحق ؟ ! بلى؛ فإن خالف الحق أحدٌ وجب علينا أولاً أن ننصحه، ونبيِّن له؛ فإن رجع، وإلاَّ فإنَّه يجب علينا أن نعتبره شاذاً، ونرفضه؛ فإن أيَّده أحد، وأعانه على باطله أنكرنا على المؤيد؛ وهجرناه، وبالأخص إذا كانت بدعته أو مخالفته واضحةً، وضارة كبدعة الخوارج، ولا يجوز أن نترك الإنكار على المميع حرصاً على جمع الكلمة، ولاشك أنَّ بدعة الخوارج بدعةٌ ضارة بالدين؛ فإن أفتينا بجواز الأخذ للعلم عمَّن يرى رأي الخوارج؛ فقد أعنَّا على هدم الدين، وشجَّعنا المفسدين؛ وهل وجد فينا التكفير، والتفجير، والتدمير إلاَّ حين تتلمذ مجموعات من الشباب على هؤلاء، ومؤيديهم، ولا يجوز أن نقول هؤلاء يحفظون القرآن، وعندهم علمٌ؛ فالجهل خيرٌ من التتلمذ على أيديهم، وأين أنت من قول بعض السلف : " من وقَّر صاحب بدعةٍ فقد أعان على هدم الإسلام " أخرجه البيهقي في الشعب .
وصبيغ سيَّره عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الكوفة، ونهى عن مجالسته؛ أليس لأنَّ عمر رضي الله عنه خاف على المسلمين من العدوى بفكره ؟ بلى؛ أفيليق بعد ذلك ونحن ننتمي إلى أهل الحديث، وأتباع الأثر أن نغضب على من قال لا يؤخذ العلم على من يرى رأي الخوارج، ولا على من يدافع عمَّن يرى رأي الخوارج، ويعتذر له، ويبرر مسلكه أو يؤويه في بيته، ويتظاهر بصحبته، ويحتفظ به؛ فلا يخرجه من منهج السلف بعد العلم بخارجيته ؟!!
بل يرى أنَّه إن كان له ذنبٌ فذنبه صغير لا يستحق أن يخرج به من المنهج السلفي؛ أليس النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( لعن الله من آوى محدثاً )) رواه مسلم ، وأيُّ حدثٍ أعظم من حدث الخوارج؛ فهل يصح أن يقال أنَّه لا يخرج من السلفية مع ما ورد في الأحاديث المخرَّجة في الصحيحين أو أحدهما أو مخرَّجة في غيرهما بسندٍ صحيح؛ وإني والله أربأُ بك يا شيخ علي وأنت من المعدودين من أصحاب الحديث أن تتوقف في إخراج من يدين بهذا الفكر الخارجي من السلفية انتهى .
الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى
سئل حفظه الله تعالى : عن قاعدة: لا نجعل اختلافنا في غيرنا سبباً للاختلاف فيمابيننا ؟
فأجاب : بأنّها قاعدةفاسدة، وأنهم من خلالها يريدون التوصل إلى عدم تبديع وجرح من هو أهل للجرح والتبديع مثل المغراوي وأبي الحسن المأربي ومحمد حسان. .. ا.هـ.
الشيخ العلامة عبيد الجابري حفظه الله تعالى
سئل حفظه الله تعالى كما في أجوبته على أسئلة رائد المهداوي : يقول علي الحلبي مقعداً: فإذا ضاقت الأمور واختلفنا في فلان، فلا يجوز البتة أن نجعل اختلافنا في غيرنا سبباً للاختلاف بيننا. فما رأيكم حفظكم الله بهذا الكلام؟
فأجاب حفظه الله تعالى : أظنُّ أنّ أخانا علياً يشير إلى ما يجري في الساحة من الكلام على بعض الأشخاص، وهاهنا لا بدّ من بيان أمور:
الأمر الأول: أنّ الاختلاف في الأشخاص من حيث الجرح والتعديل هذا قديم، وليس هو وليد هذا العصر، بل منذ عرف هذا العلم - علم الجرح والتعديل - والأئمة يختلفون في أشخاص من حيث جرحهم وتعديلهم، والمعول عليه في هذا الأمر الدليل، ومن الأدلة التي ترجح أحد القولين: قول أهل الخبرة والمعرفة به من خلال معاشرتهم له أو نظرهم في كتبه، فمن أقام الدليل على رجل أنه مجروح، وأظهر الدليل على جرحه من كتبه أو من مقالاته، وبان أنه بهذه الأدلة مجروح؛ وجب قبول الجارح وُترك قول المعدِّل، لأنّ الجارح عنده زيادة علم خفيت على المعدِّل ...
والخلاصة - وهو الأمر الثاني -: أنّ الجرح المفسر مقدمٌ على التعديل المجمل.
وثالثاً: في هذاالعصر أثبت أخونا الشيخ ربيع -حفظه الله - فساد منهج سيد قطب وفساد عقيدته، وأقام الدليل على ذلك من كتب الرجل بما لا يدع مجالاً للشك، فالمنصفون والفطنا والحريصون على حفظ العقيدة والذبّ عنها وعن أهلها قبلوا كلام الشيخ ربيع؛ لأنه أقام الدليل من كتب الرجل، وأما أهل اللجج والشطط والحزبيات فإنهم إلى اليوم على تمجيد الرجل، وتبجيل الرجل، ورفعه فوق الرؤوس، والثناء عليه، وعدّه في مصاف الأئمة كذباً وزوراً وبهتاناً، وبهذا يعلم أنّ هذه القاعدة غير سديدة بل هي فاسدة، فأهل السنّة ينظرون في الأدلّة ويوازنون بينها، ويقبلون من الأقوال ما قام الدليل القطعي على صحته وترك القول الآخر. ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ رُوي عنه: "والله ما أظنُّ أنَّ أحداً أحبَّ إلى الشيطان هلاكاًً منيَ اليوم" فقيل: وكيف؟ قال: "تحدث البدعة في المشرق أوالمغرب فيحملها الرجل إلي فإذا انتهت إلي قمعتها بالسنّة فتردّ عليه"
فيتحصل لدينا أنّ الناس قسمان:
قسمٌ لا يعبأ بالجرح و التعديل، ويراه من الاختلاف الذي فيه مندوحة،وهذا منهج فاسد لا يسلكه إلا جاهل أو صاحب هوى.
والقسم الثاني: من ينظر إلى أقوال العلماء في الرجال الذين لم تسبق له به معرفة، فيحكم الدليل، فما قام الدليل على جرحه فهو مجروح ساقط، وما لم يقم الدليل على جرحه فإنه يبقى على الأصل، ومن هنا يقال: الناس ثلاثة ـ المتكلم فيهم ثلاثة ـ:
- قسم ظهرت عدالته واستقامته،فهذا هو العدل السليم المقبول.
- وقسم ظهر جرحه وانحرافه بمقتضى الأدلة، وهذا مجروح منبوذ.
- وقسم آخر الثالث مستور،فهذا يكفي أنه مستور فلايتعب الناس أنفسهم في البحث عنه.
وهنا مسلك عظيم وهو في الحقيقة قاعدة؛ أنه في حال الفتن التي تعصف في الناس وتموج بهم كان القدامى من الأئمة يمتحنون الوافدة إليهم من الأقطار فإن أثنوا على علمائهم وخيارهم أهل السنّة فيهم خيرا قرّبوهم، وإن أثنوا عليهم شراً أبعدوهم ، ومن أقوالهم في ذلك: امتحنوا أهل المدينة بمالك، وامتحنوا أهل الشام بالأوزاعي، وامتحنوا أهل مصر بالليث بن سعد، وامتحنوا أهل الكوفة بسفيان، وامتحنوا أهل الموصل بالمعافى بن عمران" انتهى.
الشيخ الدكتور محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى
سئل حفظه الله تعالى في محاضرة التمسك بالسنة : ما رأيكم حفظكم الله في هذه القاعدة لا نجعل اختلافنا في غيرنا سبب للخلاف بيننا ؟
الجواب: هذا كلامٌ باطل، هذا كلامٌ باطل؛لأنه قد يكون الخلاف بيني وبينك في أهل الأهواء، فأنت تُزكّي صاحب البدعة وتمدحه وأنا أُحذّر الناس منه، فأيُّهم الناصح لدين الله ولعباد الله ؟ أنا أو أنت ؟ الذي حذَّرَ من الأهواء وأهلها هو الناصح لدين الله - تبارك وتعالى- أما الذي أوى إلى أهل الأهواء والبدع فهذا منهم ، لأن ((المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخالل))،والإمام أحمد - رحمه الله تعالى- قد استدلّ على هوى الرجل وانحراف الرجل بطرحه السلام على أهل الأهواء -رحمه الله تعالى- فقال:"إذا رأيت الرجل يُسلّم على رجل من أهل الأهواء فاعلم أنه يحبه " ثم استدل بحديث:" أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم " فأهل الأهواء إذا كنت أنت تُزكّيهم وهذا يُحذِّر منهم وأتباعك يقولون :لا ليسوا هم أهل أهواء، أو الأمر سهل والخطب يسير، أو لا تُفرِّقوا المسلمين، أيهم أنصح لدين الله ولعباد الله ؟ لا شك أنه - هو – : الذي حذّر منهم ، فكونك تقول: لا نجعل خلافنا في غيرنا سبباً في خلافنا ، هذا غير صحيح، بل هذا الكلام عليه تحفظ نسأل الله العافية والسلامة من مثل هذه العبارات التي بدأت تظهر للناس اليوم، ففرّقت أهل السُّنة، أهل السُّنة في القديم كان الخلاف بينهم وبين أهل الأهواء، أمّا الآن فاندسّ في صفوفهم بعض المشبوهين وإن تزيّنوا بالسُّنة فما فعلوا فيهم أعظم مما فعله أهل الأهواء نسأل الله العافية والسلامة انتهى .
القاعدة الثانية : نصحح ولا نجرح
الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى
قال رحمه الله تعالى كما في الرسائل المتبادلة (297) : أن النقد من أهل العلم وتجريح من يجب جرحه من باب النصح للأمة، والتحذير من بدعته أو انحرافه أمر متعين كما فعل علماء الإسلام سابقاً ولاحقاً انتهى
الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
سئل رحمه الله تعالى : ما قيل في أخطاء أهل البدع: " نصحح ولا نجرح ".
فأجاب : هذا غلط بل نجرّح من عاند الحق.
وقال رحمه الله تعالى في الصحوة الإسلامية وضوابطها (116):" إذا كان الخلاف في مسائل العقائد فيجب أن تصحح وما كان على خلاف مذهب السلف فإنه يجب إنكاره والتحذير ممن يسلك ما يخالف مذهب السلف في هذا الباب" انتهى .
الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله تعالى
سئل حفظه الله تعالى : عن قاعدة نصحح ولا نجرح ؟
فأجاب : هذه القاعدة ما لها أصل أقول هذه القاعدة ما لها أصل، أهل الباطل لازم تجريحهم.
وسئل عن قاعدة : يجوز التخطئة ويحرم الطعن ؟
فأجاب حفظه الله تعالى : هذه مثل نصحح ولانجرح ! هي نفسها انتهى .
الشيخ العلامة زيد بن محمد بن هادي المدخلي
سئل حفظه الله تعالى كما في العقد المنضد الجديد في الأجوبة على مسائل الفقه والمناهج والتوحيد (1/158) : عن قاعدة نصحح ولا نجرح ؟
فأجاب : هذه القاعدة ليست من قواعدالعلماء الربانيين الذين يعتد بعلمهم وإنما قواعد العلماء العارفين بشرع الله المطهر سابقاً ولاحقاً التصحيح لما يستحق التصحيح والتعديل لمن هو أهل للتعديل, والتجريح لمن يستحق التجريح على ضوء القواعدالمتعلقة بهذا الموضوع الخطير وعلى هذا مشى أهل السنة والجماعة السلف الصالح وأتباعهم إلى يوم الدين وما كتب الجرح والتعديل عن الأذهان ببعيد, وهذه القاعدة فيها تلبيس على من قلَّ نصيبه من العلم الشرعي ووسائله ... وهذه من المغالطة وصاحبها إما أن يكون جاهلاً فيجب عليه أن يطلب العلم صادقاً وإما أن يكون ملبساً ومضللاً للناس فحسبه الله ونسأل الله أن يهديه ويرده إلى الحق رداً جميلا . آمين .... انتهى
ومن رد الحلبي على الحلبي :
قوله (ودَعْكَ مِن قاعدةِ: (... ويعذرُ بعضُنا بعضاً فيما اختلفنا فيه)! وقاعدةِ: (نُصَحِّحُ ولا نُجَرِّح)! -اللَّتَيْنِ قُوِّلْنَاهُما (!) بِغَيْرِ حَقّ-!!
فَهُما -كَمَا بَيَّنْتُ-قَدِيماً- على غيرِ ما نقولُ؛ فَكِلْتِاهُما إمَّا باطلٌ، أو بابٌ إلى الباطل...)
أقول : إذا كانتا قاعدتين باطلتين، فلماذا تقع فيهما وتطبقهما في منهجك الجديد .
وكيف تدافع عن أهلها من المأربي وعرعور وغيرهما .
فهي قاعدة إخوانية قال عباس السيسي في كتابه الإخوان المسلمون خمسون عاماً من الجهاد, من المذبحة إلى ساحة الدعوة (ص26) : وبدأت مرحلة الفهم في جلسات في منزلي, نستمر ليلاً ونهاراً, وقد تستمر أحياناً إلى منتصف الليل وقد يزيد العدد في الجلسة إلى خمسة وعشرين , وأكرر ما سبق أن ذكرت ؛ أن هذه الجلسات وما يدور فيها بعيدة كل البعد عن الطعن والتجريح, ولكنها فقط للتصحيح والتوضيح انتهى .
وقالها ودعا إليها عدنان عرعور بلفظ (نصحح ولا نجرح)
وأعادها أبوالحسن المأربي : بلفظ (نصحح ولا نهدم)
والحلبي يطبقها عملياً !
سابعاً : قال الحلبي (ص250) حاشية (رقم3) تعليقاً على من يرميه بالتمييع: ((وَهِيَ الَّتِي نُرْمَى بِهَا -اليَوْم!- مِنَ (البَعْضِ!)- بِسَبَبِ مُخالَفَتِنَا (الاجْتِهادِيَّة) فِي عَدَمِ الحُكْمِ عَلَى بَعْضِ الأَعْيَانِ -مِن (أهل السُّنَّة) المواقعين لبعض الخطأ، أو البدعة- بِأًَنَّهُم مُبْتَدِعَة!!)
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- الحلبي يعتبر نصيحة العلماء له، بترك باطله وميوعته مع أهل البدع والأهواء رمياً له بالباطل، وأن رميهم ليس بحق ولكن بالهوى؛ لأنه خالفهم في مسألة اجتهادية .
- ولا شك أن هذا باطل من القول وقد سبق بيانه في الحلقة السادسة .
- وزعمه أن المسائل التي وقع فيها الاختلاف مسائل اجتهادية زعم خلاف الواقع، بل هي مسائل أصولية منهجية وقد سبق بيانه في حلقة الرابعة عشرة .
- وأما وصفه لأهل البدع الذين يدافع عنهم وينافح بأنهم من أعيان أهل السنة، وأنهم وقعوا في البدع خطأ فهو على منهجه نصحح ولا نجرح، الذي يتبرأ منه قولاً ويواقعه عملاً ، وسيأتي نقل كلام أهل العلم والإيمان فيمن اعتبرهم الحلبي من الأعيان .
ثامناً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص283) حاشية رقم (1) (... فكيف إذا كان هذا الأمرُ ليس بحقِّ (مبتدعٍ)، وإنَّما هو في حقِّ سُنِّيٍّ وَقَعَ في خطأ أو بِدعة -حَسْبُ-؟!)) انتهى
وكذا قول الحلبي فيما سماه بــمنهج السلف الصالح (ص306) في الحاشية :
(... كُلُّ ذَلِكَ لأَنِّي خَالَفْتُهُم فِي تَبْدِيعِهِم وَتَضْلِيلِهِم لِـ(بعضِ) مَنْ أَدِينُ اللهَ -تَعَالَى- بِأَنَّهُ سُنِّيٌّ ذو أخطاءٍ، وَهُمْ يَقُولُون: بَلْ مُبْتَدِع -بلا تَأَنٍّ وَلاَ استِثْناء-!!) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- الحلبي يعتبر عرعور والمغراوي والمأربي ومحمد حسان وغيرهم ممن يزكيهم بأنهم من أهل السنة، وهذه مغالطة منه، وسيأتي كشفها إن شاء الله تعالى .
تاسعاً : قال الشيخ العلامة ربيع المدخلي في كتابه النصيحة كما فيما سماه الحلبي بـمنهج السلف الصالح (ص293) : ( إِنَّ العُلَمَاءَ الفُقَهَاءَ النَّاصِحِينَ قَدْ يَسْكُتُونَ عَن أَشْخَاصٍ وَأَشْيَاءَ؛ مُرَاعَاةً مِنْهُمْ لِلْمَصَالِحِ والمَفَاسِدِ .
فَقَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الكَلَامِ في شَخْصٍ مَفَاسِدُ أَعْظَمُ بِكَثِيرٍ مِن مَفْسَدَةِ السُّكُوتِ عَنْهُ.
فعلّق عليه الحلبي في حاشية (رقم2) بقوله :
وَهَذا أَصْلٌ أَصِيل، يَرُدُّ كَيْدَ كُلِّ دَخِيل، وَيَنْقُضُ مَذَاهِبَ القَالِ وَالقِيل...
فهلْ نُلزِمُ (كُلَّ أحد) في (كُلِّ بلد) أن يتكلَّم في (كُلِّ منْتَقَد)!!؟
... دون مُراعاة لفوارق الزمان، والمكان، والأعيان!!
ودون النظر إلى ما (قد) يترتَّب على هذا القولِ -أو ذاك- مِن مفاسدَ أو مصالح!!
وما (قد يترتَّب على الكلام في شخصٍ) مِن (مفاسد) ممَّا قد يكونُ (أعظمَ بكثير من مفسدة السُّكوت عنه): هو الدَّافِعُنِي (في بعض الحالات) التي لا أرى الصوابَ -فيها- تبديعَ -أَو انْتِقَادَ!- هذا الداعي، أو هذا الطالبَ للعلمِ، أو هذا العالمَ -مِمَّن هُم مِن دُعاة المنهج السَّلَفِيّ-!
وأرى أنَّ إبقاءَهُ على أصل (السَّلَفِيَّة) هو الأصلُ بلا ملامَة، بل هو بابُ الحِيطَةِ والسَّلامة...
فلئن خالَفَنِي في هذا غيري؛ فلا أقلَّ مِن أن يعذِرَني!!
أقول مستعيناً بالله تعالى :
- سفسطة الحلبي حول مراعاة المصالح وتغير الزمان والمكان، سيأتي ردها ومناقشته فيها بإذن الله تعالى .
- والعلماء السلفيون لا يطلبون من الحلبي جرح أهل البدع لكن يطالبونه السكوت عن تزكية المتهمين؛ لئلا يغرر الناس بهم، قال الشيخ صالح الفوزان في ظاهرة التبديع والتفسيق (73) :" لا يجوز تعظيم المبتدعة والثناء عليهم، ولو كان عندهم شيء من الحق؛ لأن مدحهم والثناء عليهم يروج بدعتهم، ويجعل المبتدعة في صفوف المقتدى بهم من رجالات هذه الأمة. والسلف حذرونا من الثقة بالمبتدعة، وعن الثناء عليهم، ومن مجالستهم، والمبتدعة يجب التحذير منهم، ويجب الابتعاد عنهم، ولو كان عندهم شيء من الحق، فإن غالب الضُلاَّل لا يخلون من شيء من الحق؛ ولكن ما دام عندهم ابتداع، وعندهم مخالفات، وعندهم أفكار سيئة، فلا يجوز الثناء عليهم، ولا يجوز مدحهم، ولا يجوز التغاضي عن بدعتهم؛ لأن في هذا ترويجاً للبدعة، وتهويناً من أمر السنة، وبهذه الطريقة يظهر المبتدعة ويكونون قادة للأمة - لا قدَّر الله - فالواجب التحذير منهم" انتهى
- وأما ادعاؤه أن السلامة في إبقائه حيطة فيقال له لست أعلم ولا أورع ولا أتقى من السلف الذين تكلموا فيمن خالف الحق وأصر على باطله، وسيأتي مناقشة الحلبي في زعمه أن الاحتياط عدم جرحهم وما فيه من الورع البارد .
- ثم إذا أردت أن تكون محتاطاً فلِمَ لم تحتط مع العلماء السلفيين الذين اضطربت وهجت ومجت وهاجمتهم بلا هوادة طاعناً فيهم . بل هذا دليل أن الورع الذي تدعيه كورع من يسأل عن حكم قتل الذباب، وقد قتلوا الحسين فما أشبه حالك بحالهم .
- وأما قول الحلبي (فلئن خالَفَنِي في هذا غيري؛ فلا أقلَّ مِن أن يعذِرَني)
أقول : هذا فيه ما سبق من تطبيقه لقاعدة يعذر بعضنا بعضاً .
فهل يعذر أهل الباطل ومن يدافع عنهم ومن يماشيهم، بل يلحق بهم ولا كرامة كما هو منهج السلف الصالح، وقد سبق في الحلقة السابعة نقل مجموعة من أقوالهم .
محبكم
أحمد بن عمر بازمول
الأحد الموافق 19 / 7 / 1430هـ
بعد صلاة الظهر