ما لايصح في الصيام | الحلقة الثانية والعشرون
لفضيلة أ د الشيخ أحمد بازمول حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فسنقف في هذه الحلقة إن شاء الله تعالى على بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين :
فمن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين أنه يفطر لأقل مرض وإن كان لا يضره وبالعكس من الصائمين من يصاب بمرض يشق عليه الصيام معه ويحتاج إلى الفطر ولا يفطر فهذا لا شك أنه خطأ والصواب أن المرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم أو يخشى تباطؤ برئه ومن كان هذا حاله فالأصل أن يأخذ بالرخصة ولا يكلف نفسه ما لا تطيقه .
قال الإمام مالك : الأمر الذي سمعت من أهل العلم أن المريض إذا أصابه المرض الذي يشق عليه الصيام معه ويتعبه ويبلغ ذلك منه فإن له أن يفطر ودين الله يسر وقد أرخص الله للمسافر في الفطر في السفر وهو أقوى على الصيام من المريض قال الله تعالى في كتابه {فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر} فأرخص الله للمسافر في الفطر في السفر وهو أقوى على الصوم من المريض فهذا أحب ما سمعت إلي و هو الأمر المجتمع عليه انتهى
وقال الإمام الشافعي : إن زاد مرض المريض زيادة بينة أفطر وإن كانت زيادته محتملة لم يفطر انتهى
وقال ابن قدامة : أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة والأصل فيه قوله تعالى {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر}
والمرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم أو يخشى تباطؤ برئه.
قيل لأحمد متى يفطر المريض؟قال: إذا لم يستطع.
قيل: مثل الحمى؟قال وأي مرض أشد من الحمى .
والمرض لا ضابط له فإن الأمراض تختلف منها ما يضر صاحبه الصوم ومنها ما لا أثر للصوم فيه كوجع الضرس وجرح في الأصبع والدمل والقرحة اليسيرة والجرب وأشباه ذلك فلم يصلح المرض ضابطاً وأمكن اعتبار الحكمة وهو ما يخاف منه الضرر فوجب اعتباره فإذا ثبت هذا فإن تحمل المريض وصام مع هذا فقد فعل مكروهاً لما يتضمنه من الإضرار بنفسه وتركه تخفيف الله تعالى وقبول رخصته ويصح صومه ويجزئه؛ لأنه عزيمة تركها رخصة فإذا تحمله أجزأه كالمريض الذي يباح له ترك الجمعة إذا حضرها والذي يباح له ترك القيام في الصلاة إذا قام فيها انتهى
وقال ابن مفلح : المريض إذا خاف الضرر استحب له الفطر لقوله تعالى {فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر} أي فأفطر ولقوله صلى الله عليه وسلم " إن الله وضع عن المسافر الصوم "
ويشترط له أن يخاف زيادة المرض أو بطء برئه فإن لم يتضرر به لم يفطر وجزم به في الرعاية في وجع رأس وحمى ثم قال إلا أن ينضر قيل لأحمد متى يفطر المريض قال إذا لم يستطع قيل مثل الحمى قال وأي مرض أشد من الحمى فلو خاف تلفاً بصومه كره وجزم جماعة بأنه يحرم ولم يذكروا خلافاً في الإجزاء وإن صاما أجزأهما نقله الجماعة انتهى
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين المرضى شافاهم الله أنه يصوم دون استشارة الطبيب المسلم ومراجعته وهل يمكنه أن يصوم أم لا كمرضى القلب والسكر والضغط وهذا لا شك أنه خطأ فالواجب على المريض مراجعة الطبيب واستشارته لأنه بذلك يحفظ نفسه أو بدنه من التلف وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ومن الأخطاء التي يقع فيها من أفطر بسبب مرض أنه لا يشرب ولا يأكل ويتحرج من ذلك ظناً منه أنه وإن أفطر إلا أنه يجب عليه الإمساك بقية اليوم حرمة لنهار رمضان وهذا خطأ لأنه استباح هذا اليوم برخصة من الشرع فحرمة هذا اليوم غير ثابتة في حقه وعليه فلا يلزمه الإمساك.
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين أنه يفطر بدعوى مشقة الصوم عليه فقط كالعامل الذي يعمل في نهار رمضان أو الطالب الذي عليه اختبار أو دراسة في نهار رمضان.
وهذا لا شك أنه خطأ إذ الواجب على المكلف الإمساك إلى غروب الشمس وأما مجرد المشقة فهي ليست عذراً شرعياً يباح معها الفطر فعليه الإمساك حتى يحس بمبادئ الحرج وشدة المشقة وعدم القدرة على مواصلة الصيام فله الفطر حينها تنزيلاً له منزلة المريض.
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين عدم استغلال العشر الأواخر في الزيادة من الطاعات والنوافل والقربات فعن عائشة رضي الله عنها قالت " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره و أحيا ليله و أيقظ أهله "
وعن عائشة رضي الله عنها قالت " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره"
وعن علي رضي الله عنه قال " إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان"
قال النووي : في هذا الحديث أنه يستحب أن يزاد من العبادات في العشر الأواخر من رمضان واستحباب إحياء لياليه بالعبادات انتهى
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة فإن فيها ليلة القدر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في تلك الليالي ما لايجتهد في غيرها من الليالي انتهى
وإني بهذه المناسبة أنبه على ما نراه من خروج النساء بصفة ملحوظة إلى الأسواق وما يتبع ذلك من تبرج وسفور وتكسر في المشي وتغنج في الكلام وما فيه من اختلاط وهذا لا شك أنه خطأ لأنه يخالف ما أمر الله به المرأة في قوله {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}
قال مجاهد كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال فذلك تبرج الجاهلية .
وقال قتادة ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى يقول : إذا خرجتن من بيوتكن وكانت لهن مشية وتكسر وتغنج فنهى الله تعالى عن ذلك.
وقال مقاتل بن حيان: التبرج أنها تلقى الخمار على رأسها ولا تشده فيواري قلائدها وقرطها وعنقها ويبدو ذلك كله منها وذلك التبرج ثم عمت نساء المؤمنين في التبرج.
وإن مما يندى له الجبين خروجهن متعطرات متجملات فهذا من الزنى قال صلى الله عليه وسلم " أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وكل عين زانية "
قلت : الله أكبر في وسائل الإعلام في الدعايات يقولون للمرأة هذا العطر يجذب الرجال إليك ويلفت الأنظار عليك فتشتريه المرأة مغترة بذلك والرسول صلى الله عليه وسلم يقول "استعطرت ليجدوا ريحها " أي لكي تلفت الأنظار فهي زانية إذن فهذه الدعاية دعاية إلى الزنى.
ولا شك أن العطر والطيب يحرك الشهوة لدى الرجال ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم المرأة من حضور المسجد ومن شهود الجماعة إذا تطيبت أو تبخرت فقال صلى الله عليه وسلم " أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة "
وقال صلى الله عليه وسلم " أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد لم تقبل لها صلاة حتى تغتسل "
أيتها المرأة المسلمة اتقي الله في نفسك تحجبي ولا تختلطي بالرجال واشكري الله على ما آتاك من نعمة ولا تغتري واحذري من دعاة الضلالة ومن سبل الغواية فالدنيا فانية وهي دار عمل والآخرة دار جزاء بلا عمل فاحذري أن تكوني من أصحاب النار.
وفي الختام : هذا بعض الأخطاء التي أردت التنبيه عليها؛ فاحرصوا رحمني الله وإياكم على لزوم السنة والبعد عن البدعة .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
والحمد لله رب العالمين .
أخوكم
أحمد بن عمر بازمول