دعاء لا يجوز نشره
لفضيلة أ د الشيخ أحمد بازمول حفظه الله
بسم الله
الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد : فقد
سئلت عن دعاء يخاف منه الشيطان منشور في مواقع التواصل هل صح عن النبي صلى الله
عليه وسلم ؟ وهل ندعو به ؟ وهل ننشره في مواقع التواصل ؟
ولفظ المنشور
:
دعاء
يخاف منه الشيطان
"اللهم
إنك سلطت علينا عدوا عليمًا بعيوبنا يرانا هو وقبيله من حيث لا نراهم اللهم آيسه
منا كما آيسته من رحمتك وقنطه منا كما قنطته من عفوك وباعد بيننا وبينه كما باعدت
بينه وبين رحمتك وجنتك".
دعاء يستحق
النشر.
فأجبت :
أولًا : من حيث ثبوت هذا الدعاء :
فهذا الدعاء
لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح أو ضعيف.
ووقفت عليه
عند الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين([1]) حيث قال :"كان محمد بن واسع يقول كل يوم
بعد صلاة الصبح : اللهم إنك سلطت علينا عدوًا بصيرًا بعيوبنا، يرانا هو وقبيله من
حيث لا نراهم، اللهم فآيسه منا كما آيسته من رحمتك، وقنطه منا كما قنطته من عفوك،
وباعد بيننا وبينه كما باعدت بينه وبين رحمتك، إنك على كل شيء قدير. قال : فتمثل
له إبليس يومًا في طريق المسجد! فقال له : يا ابن واسع هل تعرفني؟ قال : ومن أنت ؟
قال : أنا إبليس ! فقال : وما تريد ؟ قال : أريد أن لا تعلم أحدًا هذه الاستعاذة،
ولا أتعرض لك ! قال : والله لا أمنعها ممن أراد فاصنع ما شئت".
ثانيًا: من
حيث الدعاء به :
يظهر لي عدم
جواز الدعاء به للأمور التالية :
1-
أنه لا دليل
على الدعاء به كل يوم بعد صلاة الصبح !
وعلى فرض جواز
الدعاء به فيشترط فيه حتى لا يدخل في باب البدع :
أ-
عدم الالتزام
به.
ب-
وعدم تخصيصه
بعد صلاة الفجر.
ت-
وأن لا يقول
"عليمًا بعيوبنا" أو "بصيرًا بعيوبنا".
2-
أن هذا الدعاء
- لو ثبت – فهو مقطوع من قول التابعي محمد بن واسع.
3-
أن الدعاء فيه
وصف الشيطان بقوله "عليمًا بعيوبنا"، وفي الإحياء "بصيرًا بعيوبنا"
وهذا لا يجوز أن يوصف به الشيطان.
4-
أن هذا الدعاء
يصرف المسلم عن ما ورد في السنة من الأذكار التي تحفظ المسلم وتقيه شر وكيد
الشيطان، وغيره بإذن الله فمن ذلك :
-
قراءة آية
الكرسي : فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ:
وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ
فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ
لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَذَكَرَ الحَدِيثَ -، فَقَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ
الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبُكَ
شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :"صَدَقَكَ
وَهُوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ"([2]).
-
قراءة
المعوذات : فعَنْ عَبْدِاللَّهِ بن خُبَيْب رضي
الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم :"قُلْ" فَقُلْتُ:
مَا أَقُولُ؟، قَالَ :"قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ
تُمْسِي، وَحِينَ تُصْبِحُ، ثَلَاثًا يَكْفِيكَ كُلَّ شَيْءٍ"([3]).
-
قول :"لاَ
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ
الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" مائة مرة : فعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :"مَنْ
قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ
وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ،
كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ،
وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ
الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ
بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ"([4]).
- قول
:"بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع
العليم"، فعن عثمان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
:"من قال بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض، ولا في السماء، وهو
السميع العليم لم يضره شيء"([5]).
ثالثًا: من
حيث نشره في مواقع التواصل :
فلا ينشر هذا
الدعاء حتى لا يغتر العوام به، ويظنون أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحتى
لا يصرفهم عن الأدعية النبوية الثابتة التي فيها التعوذ من الشيطان.
ولا يجوز
للمسلم أن ينشر منشورًا دون التثبت من صحة ما فيه من علم؛ لأن العلم دين، وكذلك لا
يجوز له أن يأمر المسلمين أن ينشروه، وأنهم إذا لم ينشروه يحصل لهم كذا وكذا من
الضرر والأذى، وقد حذر أهل العلم من هذا الأمر، وبينوا خطأه.
والله أعلم.
كتبه
أحمد
بن عمر بن سالم بازمول
الخميس
: 24 ذو الحجة 1444هـ
([1]) (3/37).
ولم يخرجه الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (7/283).
تنبيه : كتاب إحياء علوم الدين مليء
بالأحاديث الضعيفة والمكذوبة بل وما لا سند له أصلًا، وفيه كثير من الأمور التي لا
تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تشرع.
([2]) أخرجه البخاري في الصحيح
معلقًا (4/123رقم3275)،
ووصله النسائي في السنن الكبرى (9/351رقم10729). وقال قوام
السنة في الحجة في بيان المحجة (1/525) :"هذا حديث صحيح".
حمل الملف | |
File Size: | 670 kb |
File Type: |