إلى إخواننا المتضررين بليبيا والمغرب وغيرهما
لفضيلة أ د الشيخ أحمد بازمول حفظه الله
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
المبعوث رحمة للعالمين.
أما بعد : فإنَّ ما أصاب إخواننا بالمغرب وليبيا
وغيرهما من مصائب الزلازل والأعاصير والفيضانات وغيرها : نسأل الله أن يكتب لمن
مات منهم الشهادة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :"الغرق شهيد، والحرق
شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد".
فنسأل الله لهم ولغيرهم من إخوانهم المسلمين في كل
مكان أن يرحم موتاهم وأن يشفي مرضاهم وأن يجبر كسرهم ويكشف كربهم وأن يرزقهم الصبر
وأن يصلح أحوالهم وأن يبدلهم إلى خير ونعمة وصلاح.
وعلينا أن نعلم أن الدنيا دار ابتلاء واختبار قال
تعالى {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ
عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}
والامتحان يكون بالخير من غنى وعز وحياة، ويكون
الامتحان بالشر من فقر وذل وموت قال تعالى {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ
فِتْنَةً} .
والمؤمن موقفه من الابتلاء بالخير والشر، بين الشكر
والصبر؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم :"عَجباً لأَمْرِ المؤمِنِ، إنَّ
أَمْرَهُ كلَّهُ له خَيْرٌ، وليسَ ذلك لأَحدٍ إلاَّ لِلْمؤْمِنِ؛ إنْ أَصابَتْهُ
سرَّاءُ شَكَر فكانَ خَيْراً له، وإنْ أصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَر فكانَ خيراً
لَهُ".
وإن الزلازل
والأعاصير والسيول وغيرها من المصائب التي يمتحن بها العباد فيها أجر عظيم لمن صبر
قال صلى الله عليه وسلم :"مَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ الله، وما أُعْطِيَ
أحدٌ عَطاءً خيراً وأوْسَعَ مِنَ الصبْرِ".
وقال صلى الله
عليه وسلم :"من يُرِدِ الله به خَيْراً يُصِبْ منه". أي يصاب بمصيبة
وببلاء.
وقال صلى الله
عليه وسلم :"ما يُصِيبُ المؤْمِنَ مِنْ نَصَب ولا وَصَب، ولا هَمّ ولا
حَزَنٍ، ولا أَذىً ولا غَمٍّ، حتى الشوْكَةِ يُشاكُها؛ إلا كَفَّر الله بها مِنْ
خطَاياهُ".
فعلى المبتلى
أن يصبر فالصابر أجره عظيم عند الله قال تعالى {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ
أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}
والصبر نصف
الإيمان كما قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.
وليحذر
المبتلى من التسخط الاعتراض على قدر الله؛ قال صلى الله عليه وسلم :"إِنَّ
عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا
ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ
السَّخَطُ".
وليعلم أن هذا
الابتلاء قد يكون رفعة للدرجات وتكفيرًا للخطايا والسيئات.
وعلى المؤمن
أن يستغفر الله ويتوب إليه ويلجأ إلى الله قال تعالى {ادْعُوا رَبَّكُمْ
تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} ويدخل في الدعاء دعاؤه
برفع البلاء وكشف الضر، ودعاؤه بعبادته وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر.
وعلى المبتلى
بمصيبة موت محبوب أن يذكر مصيبته بموت النبي صلى الله عليه وسلم فإنها تهون عليه
مصيبته، قال صلى الله عليه وسلم :"إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ
فَلْيَذْكُرْ مُصِيبَتَهُ بِي، فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ".
وعلى
المبتلى بالمصيبة أن يقول إنَّا لله وإنَّا إليْهِ راجِعونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْني
في مُصيبَتي، وأخْلِفْ لي خيراً مِنْها؛ قالت أم سلمة رضي الله عنها قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :"ما مِنْ عبدٍ تُصيبُه مُصيبَةٌ فيقول : إنَّا لله
وإنَّا إليْهِ راجِعونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْني في مُصيبَتي، وأخْلِفْ لي خيراً
مِنْها؛ إلا آجَرُه الله تعالى في مصيبَتِه وأخْلَفَ له خيراً منها".
قالت أم سلمة رضي الله عنها : فلمّا ماتَ أبو سلَمة؛
قلْتُها، فأخْلَف الله لي خيراً منه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم .
وأن يقول : اللَّهُ
اللَّهُ رَبِّي لَا أشرك به شيئاً؛ قال صلى الله عليه وسلم :"إِذَا أَصَابَ
أَحَدَكُمْ غَمٌّ أَوْ كَرْبٌ فَلْيَقُلِ: اللَّهُ اللَّهُ رَبِّي لَا أشرك به
شيئاً".
وأن يقول ما جاء في قول رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم :"
مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي
عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ
حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ
بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي
كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ
الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ
هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ
فَرَحًا".
فَقِيلَ: يَا
رَسُولَ اللهِ، أَلَا نَتَعَلَّمُهَا؟ فَقَالَ :" بَلَى، يَنْبَغِي لِمَنْ
سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا".
ويشرع لنا
جميعًا أن نقول كل صباح ومساء ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ: لَمْ
يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَعُ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ إِذَا
أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى :"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ
فِي دِينِي وَدُنْيَايَ، وَأَهْلِي وَمَالِي. اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي
وَآمِنْ رَوْعَاتِي. اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنَ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي،
وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ مِنْ
أَنْ أغتال من تحتي".
وقوله صلى
الله عليه وسلم :" أغتال من تحتي"؛ قَالَ وَكِيع :"يَعْنِي
الْخَسْف".
أخوكم
المحب : أحمد بن عمر بازمول
الجمعة
29 صفر 1445هجري

حمل الملف | |
File Size: | 139 kb |
File Type: |