14 سلسلة احذر أيها السلفي
لفضيلة أ د الشيخ أحمد بازمول حفظه الله
احذر أيها السلفي :
أن تنصح ولي الأمر علانية، أو تظن أن
النصيحة هي فقط الإنكار عليه بل النصيحة أعم من ذلك
عَن
عِيَاض t قال رَسُولُ اللَّهِ r :"مَنْ أَرَادَ
أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً وَلَكِنْ
لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ فَيَخْلُوَ بِهِ فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ وَإِلَّا كَانَ
قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ"([1]).
قوله صلى الله عليه وسلم :"فلا يبد له علانية" فيه تحريم
النصيحة علانية؛ للنهي عن العلانية.
وقوله صلى الله عليه وسلم :"ولكن ليأخذ بيده فيخلو به"
فيه بيان كيفية النصيحة سرًا.
قال
الشوكاني :"ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يناصحه، ولا يظهر
الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد بل كما ورد في الحديث أنه يأخذ بيده ويخلو به ويبذل
له النصيحة ولا يذل سلطان الله"([2]).
وقال السعدي :"على من رأى منهم ما لا يحل أن ينبههم سرًا لا
علنًا بلطف وعبارة تليق بالمقام"([3]).
وقال النجمي :"الإنكار العلني على الولاة أمر محدث،
ولم يكن من أصول السنة"([4]).
وعَنْ
تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ :"الدِّينُ
النَّصِيحَةُ" قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ :"لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ
وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ"([5]).
قال
بعض أهل العلم :"النصيحة لأئمة المسلمين؛ حب طاعتهم ورشدهم، وعدلهم، وحب
اجتماع الأمة كلهم وكراهية افتراق الأمة عليهم، والتدين بطاعتهم في طاعة الله،
والبغض لمن رأى الخروج عليهم وحب إعزازهم في طاعة الله"([6]).
ومناصحة ولاة الأمور تكون بأمور منها : الدعاء لهم
بالصلاح، والقيام بالأعمال التي يسندونها للموظفين، وتنبيههم على الأخطاء بطريقة
سرية فيما بين الناصح وبينهم([7]).
وقوله
صلى الله عليه وسلم :"وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ"
يفيد أن النصيحة لولاة الأمر تكون سرًا لا علانية، كما أفاده حديث عايض رضي الله
عنه. وهذا ما كان عليه الصحابة
رضي الله عنهم منهم :
-
أسامة بن زيد رضي الله
عنهما :
روى
شَقِيق عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ :قِيلَ لَهُ أَلَا تَدْخُلُ عَلَى
عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ !
فَقَالَ رضي الله عنه
:"أَتَرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا أُسْمِعُكُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ
كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ دُونَ أَنْ أَفْتَتِحَ أَمْرًا لَا أُحِبُّ
أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ"([8]).
قال
ابن باز :" لما فتحوا الشر في زمن عثمان t وأنكروا على عثمان t جهرة تمت الفتنة والقتال
والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم"([9]).
وقال
الألباني :"يعني المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ؛ لأن في الإنكار
جهاراً ما يخشى عاقتبه كما اتفق في الإنكار على عثمان جهاراً إذ نشأ عنه قتله"([10]).
-
عبدالله بن أبي أوفى رضي
الله عنه :
عن سَعِيد بْن جُمْهَانَ أنه قَالَ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
أَبِي أَوْفَى فقُلْتُ له : إِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُ النَّاسَ وَيَفْعَلُ
بِهِمْ قَالَ فَتَنَاوَلَ يَدِي فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمْزَةً شَدِيدَةً ثُمَّ
قَالَ وَيْحَكَ يَا ابْنَ جُمْهَانَ عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ عَلَيْكَ
بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُ مِنْكَ فَأْتِهِ فِي
بَيْتِهِ فَأَخْبِرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فَإِنْ قَبِلَ مِنْـكَ وَإِلَّا فَدَعْـهُ
فَإِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَمَ مِنْهُ "([11]).
-
عبدالله بن عباس رضي الله
عنهما :
قال سعيد بن جبير: قلت
لابن عباس: آمر السلطان بالمعروف، وأنهاه عن المنكر؟ فقال ابن عباس : إن خفت أن
يقتلك فلا . قال سعيد : ثم عدت فقال لي مثل ذلك . ثم عدت فقال لي مثل ذلك . وقال
ابن عباس : إن كنتَ لا بُدَّ فاعلاً ففيما بينك وبينه"([12]).
فاحذر
أيها السني ذا النهج الواضح من مسالك الخوارج وطرائقهم في الإنكار العلني على ولاة
الأمر، فإنه باب فتنة وشر، وليس من السلفية في شيء.
حمل الملف | |
File Size: | 304 kb |
File Type: |