أصدق المقالة في التمييز بين الحق والجهالة فيما زعمه الليبي مجدي حفالة
للشيخ الدكتور أحمد بازمول حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} . {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ـ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} ألا وإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . أما بعد : فإن من غربة السلفي الصادق كثرة حصول الأذى له، والافتراء عليه؛ بتقويله ما لم يقله تارة ، أو بنسبة فعل له هو بريء منه براءة الذئب من دم يوسف عليه الصلاة والسلام . وصدق الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى إذ يقول في وصف أهل الغربة كما في مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (3/ 186-189): أهل السنة الذين يميزونها من الأهواء والبدع هم غرباء، والداعون إليها الصابرون على أذى المخالفين هم أشد هؤلاء غربة، ولكن هؤلاء هم أهل الله حقاً، فلا غربة عليهم، وإنما غربتهم بين الأكثرين، الذين قال الله عز وجل فيهم: {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله}، فأولئك هم الغرباء من الله ورسوله ودينه، وغربتهم هي الغربة الموحشة، وإن كانوا هم المعروفين المشار إليهم ...... فإذا أراد المؤمن الذي قد رزقه الله بصيرة في دينه، وفقهاً في سنة رسوله، وفهماً في كتابه، وأراه ما الناس فيه من الأهواء والبدع والضلالات وتنكبهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإذا أراد أن يسلك هذا الصراط فليوطن نفسه على قدح الجهال وأهل البدع فيه، وطعنهم عليه، وإزرائهم به وتنفير الناس عنه وتحذيرهم منه، كما كان سلفهم من الكفار يفعلون مع متبوعه وإمامه صلى الله عليه وسلم، فأما إن دعاهم إلى ذلك، وقدح فيما هم عليه: فهنالك تقوم قيامتهم ويبغون له الغوائل وينصبون له الحبائل ويجلبون عليه بخيل كبيرهم ورجله. فهو غريب في دينه لفساد أديانهم، غريب في تمسكه بالسنة لتمسكهم بالبدع، غريب في اعتقاده لفساد عقائدهم، غريب في صلاته لسوء صلاتهم، غريب في طريقه لضلال وفساد طرقهم، غريب في نسبته لمخالفة نسبهم، غريب في معاشرته لهم؛ لأنه يعاشرهم على ما لا تهوى أنفسهم. وبالجملة: فهو غريب في أمور دنياه وآخرته لا يجد من العامة مساعدا ولا معينا فهو عالم بين جهال، صاحب سنة بين أهل بدع، داع إلى الله ورسوله بين دعاة إلى الأهواء والبدع، آمر بالمعروف ناه عن المنكر بين قوم المعروف لديهم منكر والمنكر معروف انتهى وإن مما يزيد الغربة شدة والطين بلة أن يقف بعض المنتسبين للعلم جنباً إلي جنب مع هؤلاء الطاعنين في أهل الحق الصادعين به الذابين عنه، وقد صدق العلامة عبدالرحمن المعلمي رحمه الله تعالى حين قال في صدع الدجنة في فصل البدعة عن السنة (63) : قد تدبرت أنواع الفساد، فوجدت عامتها نشأت عن إماتة السنن، أو إقامة البدع، ووجدت أكثر المسلمين يبدو منهم الحرص على اتباع السنن واجتناب البدع، ولكن التبس عليهم الأمر، فزعموا في كثير من السنن أنها بدعة، وفي كثير من البدع أنها سنة. وكلما قام عالم فقال: هذا سنة، أو هذا بدعة، عارضه عشرات، أو مئات من الرؤساء في الدين الذين يزعم العامة أنهم علماء، فردوا يده في فيه، وبالغوا في تضليله والطعن فيه، وأفتوا بوجوب قتله، أو حبسه، أو هجرانه، وشمروا للإضرار به وبأهله وإخوانه، وساعدهم ثلاثة من العلماء، عالم غال، وعالم مفتون بالدنيا، وعالم قاصر في معرفة السنة، وإن كان متبحراً في غيرها " وإني أقولها صريحة وأعلنها مدوية لا دفاعاً عن نفسي أو عن بعض إخواني بل دفاعاً عن السلفية وأهلها الصادقين المخلصين : إن بعض السلفيين الصادقين يتعرضون اليوم لحرب شعواء لا هوادة فيها بالطعن فيهم والتحذير منهم والتنفير عنهم ففلان لا تسمعوا له وفلان لا تحضروا له وفلان لا تحضروه وفلان نفروا عنه في سلسلة من الطعونات الباطلة العاطلة والافتراءات الكاذبة الظالمة . في الوقت الذي يصدر فيه بعض المتعالمين الأغرار، وبعض الجهال الصغار، وبعض المفتونين ذوي الإضرار . وهذا مصداقاً لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة. قيل: وما الرويبضة ؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة " أخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (4/رقم1887) والمتأمل لما يحصل الآن في الساحة السلفية يرى صوراً كثيرة لما ذكر ماثلة أمام عينيه لا تحتاج لقوة بصر ولا لدقة نظر . والخبر ليس كالمعاينة ومن يده في النار ليس كمن يده في الماء ! والألم يشعر به المريض ولا يراه الطبيب !! فإلى الله المشتكى من تلكم الغدرات والفجرات المنهالة على رؤوس السلفيين الصادقين الأبرياء الشرفاء في مشارق الأرض ومغاربها . وما نقم منهم أولئك الطاعنون إلا أنهم سلكوا النهج الواضح السلفي الناصح وكانوا من أخلصهم أمانة وحالاً وأصدقهم مقالة وفعالاً . ووالله ليس بنا هوان ولا ضعف ولا تأخذنا في الله لومة لائم ولكننا لا نسوق الأمة إلى الفتن والمحن والهرج والمرج لأن السلفي الصادق يدعوا إلى الله لا إلى نفسه . وإن بيان الحق ورد الباطل هدي رباني ومنهج نبوي ومسلك سلفي؛ به تتم صيانة العلم عن كل قول عاطل . ولقد كان السلف رضوان الله عليهم يرون الراد على الباطل وأهله مجاهداً في سبيل الله بل من أفضل الجهاد ويعدونه منقبة ويمدحونه ويثنون عليه لنصرته لدين الله وذبه عن حياض سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلا يرى من رد الباطل وأقام الحق فتاناً إلا من كان عن الحق مفتوناً . ومن المقرر في المنهج السلفي أن كلاً يؤخذ من قوله ويرد إلا الرسول صلى الله عليه وسلم . والمقصود : أن كلاً يؤخذ من قوله ما وافق الحق ، ويرد من قوله ما خالف الحق إلا الرسول صلى الله عليه وسلم فقوله كله حق . لذا كان من القواعد السلفية الأثرية ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بقوله كما في مجموع الفتاوى (13/ 329) : العلم إما نقل مصدق عن معصوم وإما قول عليه دليل معلوم وما سوى هذا فإما مزيف مردود وإما موقوف لا يعلم أنه بهرج ولا منقود انتهى . وقال أيضاً في مجموع الفتاوى (12/ 63) :العلم لا بد فيه من نقل مصدق ونظر محقق. وأما النقول الضعيفة لا سيما المكذوبة فلا يعتمد عليها. وكذلك النظريات الفاسدة والعقليات الجاهلية الباطلة لا يحتج بها انتهى وإذا تقرر هذا فمن تلكم النقول الضعيفة المزيفة المردودة ما نسبه إلي أخ أبو مصعب مجدي حفالة الليبي في صوتية بأني أقول في التثبت من خبر الثقة أن ثمت قرائن تحتاج ألا يستعجل المرء ويتأنى إذا لاح أن الذي ينقل له هذا الخبر قد يكون انطلق عن حسد أو كلام أقران أو لعداوة ظاهرة أو لأمر يلوح كقرينة، لا أنه يرد لكنه يتأنى ولا يستعجل حتى يطمئن . أقول : إن الأخ أبا مصعب الليبي أراد أن يُخرج نفسه من الخطأ فألصقه بغيره بطريقة غريبة غير معتمدة عند أهل العلم بل تدل على سوء قصد وذلك من ثلاثة أوجه : الأول : أنه نسب قولاً باطلاً إلى غير قائله وهذا ظلم وافتراء على عباد الله الأبرياء. الثاني : أنه لم يعترف بوقوعه في الخطأ بل نسبه لغيره ليظهر نفسه في مظهر السلامة بالرجوع عن الخطأ . الثالث : أنه أراد أن ينفي عن نفسه الجهل فأوقعها فيه إذ اعترف وأثبت بأنه قد قلد فلاناً من الناس والتقليد جهل عند أهل العلم . وقبل أن أناقش أبا مصعب في نقله المزيف عني أضع بين يدي القارئ كلامي الواضح البين الصريح في هذه المسألة والذي يدل على بطلان ما نسبه إليَّ الأخ حفالة ! فأقول : بأني اعتقد بأن خبر الثقة يجب قبوله ولا يجوز توهيمه بغير بينة وحجة . فقد قلت في كتابي المقترب في بيان المضطرب (82) :الأصل المعتمد عليه هو عدم توهيم الثقة بلا حجة قال المازري في المعلم (2/145) عن تخطئة الرواة بلا دليل : سوء ظن بالرواة، وتطريق إلى إفساد أكثر الأحاديث انتهى وقال القرطبي في المفهم (5/16) : الأَوْلَى أن لا يغلط الراوي العدل الجازم بالرواية ما أمكن انتهى وقال أيضاً في معرض رده على من رد حديثاً بالتوهم كما في المفهم (3/10) : هذا لا ينبغي أن يرد الخبر له؛ لأنه وهم وظن غير محقق بل هو مردود. بل المعتمد ثقة الراوي وأمانته انتهى وهذا الكلام كتبته بفضل الله تعالى في رسالتي الماجستير وكانت مناقشتها عام 1419هـ فهو منهجي الذي أعرفه قبل ف أوائل طلبي للعلم ولم أتغير عنه . كما قد قررت هذه المسألة في كتابي صيانة السلفي من وسوسة وتلبيسات الحلبي (258-284) بقولي : ومن القواعد الباطلة التي أراد الحلبي تقريرها قاعدة : (رد خبر الثقة، والتشكيك فيه) وكانت طباعة هذا الكتاب عام 1430هـ وحلقاته نشرت في المنتديات السلفية منها منتدى البينة السلفية وذلك عام 1429هـ وقررتها بوضوح وجلاء يراه الأعمى ويسمعه الأصم ويفهمه البليد في جلسة علمية سلفية كانت بعنوان الأجوبة المسددة وقد تم نشرها في المنتديات السلفية ومنها منتدى البينة السلفية تقريباً عام 1434هـ. وإليك نص السؤالين مع الإجابة عليهما : السؤال الحادي عشر : بعضهم يقول ويقرر بأن الثقة قد يغفل فلذلك يجب التثبتثم يقول ليس هذا رداً لخبر الثقة ؟ الشيخ أحمد بازمول : هو ليس رداً لخبرالثقة بل هو يعني تلاعب بخبر الثقة الأصل عند العلماء الأصل القاعدة عند العلماء أنالثقة قد حفظ وأن الثقة قد نقل الشئ بضبطه وتوهيم الثقة عندهم خلاف الأصل لا يقبلإلا بحجة وبرهان وإضعاف خبر الثقة بقضية التثبت منهج باطل ولابد أن نفرق بين منهجينمنهج حق ومنهج باطل المنهج الباطل أن تقول هو ثقة لكن أريد أن أتثبت فلاتقبل قوله إذا فى الحقيقة أنت رددت قوله ولم تقبله فهذا منهج باطل . طيبجاءني الثقة وأخبرني وقبلت خبره ثم أيضاً سألت بعد قبولي لخبره لا مانع من هذا لامانع من هذا وسؤالك ليس من باب الطعن فى خبر الثقة وإنما من باب زيادة العلم وزيادةالعلم لا مانع منها فبعض الناس يجعل التثبت من خبر الثقة ليس من باب رده بل من بابالإطمئنان إذا ما الفرق بين خبر الثقة وبين خبر الفاسق أو المجهول مافى فرق عندك ياكاذب يا متلاعب . أما كوني أقبل خبر الثقة ومع قبولي له وعملي به أتثبتزيادة لا مانع من هذا عند أهل العلم لا أحد يقول لك لا تثبت لكن يقولون لكلا ترد خبر الثقة إلا بحجة وبرهان أما قول أنه ربما يهم فهذا التوهيم خلاف الأصلفأن يجعل خلاف الأصل أصلاً وأن يجعل الأصل خلاف الأصل قول باطل ومنهج عاطل ما هذاالتلاعب بدين الله وبمنهج السلف رضوان الله عليهم هذه يا إخواني تأصيلاتباطلة تسري بين صفوف الشباب من تأصيلات المأربي وأتباعه وأذنابه وفلوله ومن تأصيلاتالحلبي وأذنابه واتباعه وفلوله ومن تأصيلات يعني مثل عدنان عرعور ومثل المغراويومثل هؤلاء من اهل الباطل من أتباع جمعية إحياء التراث فالحذر الحذر يا إخوان الحذرالحذر يا معشر السلفيين من مثل هذه التأصيلات الباطلة العاطلة التي والله للأسفأصبح الكثير من شبابنا اليوم كثير من شبابنا اليوم يتهموننا وكأننا مجرمون ويعظمونأهل الباطل وكأنهم هم السلفيون . ولكن هذه غربة وهذا في ذات الله أحب إليناوالله من العسل ، وأحلى عندنا والله من العسل، وأحب إلينا والله من الماء الباردولكن نحزن والله على حال إخواننا السلفيين أن يكونوا هكذا معنا وما نرجو والله لهمإلا الخير فنحن ننصح فإن تبيّن لهم هذا الأمر ورجعوا إلى الله عز وجل ورجعوا إلىالحق فهذا الأمر والله أحب إلينا .وإن أصرّوا على باطلهم وطعنوا في أهلالحق فوالله هذا الأمر في ذات الله عز وجل واسأل الله عز وجل لي ولكم الإخلاص فيالقول والعمل هو والله أحب إليّ من كل شئ والله مادام أنه فى ذات الله والله لاالتفت ولا أكترث بهم ومادام أعلم أن هذا هو الذي عليه السلف الصالح والله لا أنثنيعنه لحظة ولا أتراجع عن الحق بل أسال الله عزوجل أن يثبتني وإياكم على الحق إلى أننلقاه وأن يحشرنا مع النبيين والصدقيين والشهداء والصالحين ومع أئمتنا من السلفالصالح رضوان الله عليهم أجمعين . أم هذه التأصيلات الباطلة التي وردت فىهذه الأسئلة فهذه والله نذير سوء ونذير شؤم على هذه الأمة أن يظهر فيها شباب ينتمونللمنهج السلفي وهم مؤصلون على الباطل فإذا سيصبحون ذئاب فى جثمان أنس فنسأل الله أنيحمي المنهج السلفي وأن يحمي أهله من مثل هذه التأصيلات الباطلة .السائل : إذا جاء الخبر عن الثقة فى رجل ما هللنا أن نقبله أو نتثبت فيه لإعتبارات كأن يكون لهذا الثقة إرادات سيئة يريد إسقاطهأو يكون قد فهم خطأ أو نحو ذلك من الإيرادات السيئة ؟ الشيخ أحمد بازمول : نعم هذه عند العلماء تسمى قرائن تسمى قرائن إذا جاء خبر الثقة واحتفت به قرائن تدلعلى وهم تدل على مثلاً سوء نية تدل على إرادة خلاف الظاهر, العلماء حينها ينظرونويتحققون فإن ثبت الأمر عاملوه بما يستحق ولم يعاملوه من باب خبر الثقة الصرف لكنلابد أن نبين أمور الأمر الأول : أن هذا لا يكون أصلا بمعنى لا يجعل كلامالثقة دائما من باب يعني أن هناك إرادات وهناك وهناك إلى أخره هذا أمر . الأمر الثاني : أن هذا إنما يحدده العلماء ويحدده طلاب العلم الذين يميزونبين الحق من الباطل . الأمر الثالث : لابد أن تكون هذه القرائن قوية وواضحةلا إحتمال وظن فإن اليقين لا يزول بالظن فخبر الثقة يقين عندنا ولا يزول بمثل هذهالظنون أما القرائن طبعاً خبر الثقة يقين عندنا باعتبار حكمنا فى الظاهر أما الباطنفأمره إلى الله عزوجل فنحن مطالبون بأن نعمل به وأن نأخذ به وأنه حق مالم يتبينخلافه وأما القرائن إذا اجتمعت وظهر أمرها وتبين أن هناك نوع من التلاعب بخبر الثقةفلا مانع من العمل بها لدى أهل العلم و الله أعلم انتهى وبعد أن بينت موقفي من خبر الثقة الموافق لمنهج السلف الصالح رضوان الله عليهم والذي يسير عليه شيخنا الإمام ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله تعالى أبين ما في بيان الأخ حفالة من وَهْمٍ وإيهامٍ وعدم موافقته للواقع ولا مطابقته للحال. قال الأخ حفالة : مصادرنا هي إما أن يكون مكتوبا كتابة، وإما أن يكون صوتيا وإما خبر الثقة الذي لا يتزحزح عن محفوظه، فإذا كان هذا الذي نقل الكلام قلنا هذا أين؟ قال هذا في درسه، فإذا كان الدرس مسجلا طلبنا المادة المسجلة للدرس، لا، أن هذا الرجل ليس بثقة، وإنما قد يكون فهم من الدرس فهما ليس صوابا، فلتراجع المادة الدرس من أجل الاطمئنان إلى صحة ما نقل ليس ردا لكلامه، وهذا التثبت هو وصول للحق لا لأجل رد الحق أقــــول : قولك (وإنما قد يكون فهم من الدرس فهما ليس صواباً ....) هذا هو عين قول المأربي والحلبي وأشباههما وهو ما يبين بطلانه السلفيون ومنهم شيخنا الإمام ربيع المدخلي لما فيه من التشكيك في خبر الثقة بلا حجة ولا بينة. قال الأخ حفالة : ولذلك العلماء كما ترى يردون على المخطئين من كتبهم وأشرطتهم ولم يكتفوا بخبر فلان أو فلان، بمعنى أنه إذا أراد أن يرد عليه فإنه يطلع على كلامه من صوته أو من كتابته. أقــــول : هذا ليس بصحيح على إطلاقه بل فيه تلبيس وإيهام بأن العلماء لا يقبلون خبر الثقة إلا بعد التثبت . وهذا عين فرية أهل الباطل. وأنت يا أخ حفالة لم تفرق بين قبول خبر الثقة وزيادة الاطمئنان في خبر الثقة. فوقوف العلماء على المكتوب أو المسموع ليس من باب عدم الاكتفاء بخبر الثقة أو الشك فيه بل من باب زيادة الاطمئنان ؛ لذا هم لا يعيبون على من قبل خبر الثقة وإن لم يرجع لمكتوب أو مسموع . قال الأخ حفالة : فأردت من هذا أن الإنسان في مثل هذه الأمور، لأنه قد يوجد من له غرض في بث شيء يريد أن يحدثَ به بلبلةً أو فتنةً، فأنت لا تكن عَجِلا عليك أن تتأمل في الأمر انظر فيه وتراجع المادة المعزوة صوتا أو كتابة، وأيضا تراجع أهل العلم في هذه المسألة التي سمعتها، وأهل العلم يقولون لك أو يخبرونك بأن هذا الكلام حق أو باطل، صواب أو خطأ ليس هذا من باب رد خبر الثقة أقــــول : هذا الكلام كما سبق هو من باب التشكيك في خبر الثقة بلا حجة . وأنت هنا تضع شروطاً لقبول خبر الثقة : ما أنزل الله بها من سلطان ولا سبقك إليها عالم سلفي من التوقف والتأمل ومراجعة أهل العلم . فهذه ليست شروطاً لقبول خبر الثقة بل الشارع إنما جعلها شرطاً في خبر الفاسق فأنت قد ساويت بين العدل والفاسق . وإلا فأخبرني ما الفرق بينهما إن كنت صادقاً . وأما قولك (ليس هذا من رد خبر الثقة) فهو من تناقض كلامك إذ أنك لا تقبله إلا بهذه الشروط فأنت رددت خبر الثقة ولم تقبله إلا بشروطك فكأن الخبر المقبول عند الأخ حفالة هو ما وافقه شرطه وإلا فهو مردود . قال الأخ حفالة : ، لا، خبر الثقة قامت به العقائد والأحكام، وقد ذكرنا غير مرة هذا الكلام واستدللنا عليه أيضا بأن شبهة رد خبر الثقة هذه من المعتزلة الذين أدخلوا شكوكًا في أخبار الثقات أقــول : هذا الكلام لا ينفعك ولا تَعَلُّقَ له بشروطك السابقة بل هي مجرد فلسفة وتحذلق زائد . وهو تأكيد لتناقضك . قال الأخ حفالة : والله عز وجل أمر بالتثبت من خبر الفاسق: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا} وأيضا أمر بالتثبت حتى خبر الفاسق قد يصدق الفاسق لكننا نتبين منه، دل ذلك في مفهوم الآية أن خبر العدل لا نتبين منه هكذا هذا خبر الثقة لكن ذكرت أن الكلام إذا كان مكتوبا أو مسموعا فليقف على المسموع أو المكتوب، فإنه قد يؤتى الشخص من سوء فهمه، أو قد يؤتى من جهله، وقد يؤتى من سوء قصده، وهذه أسوؤها التي هي الثالثة أن يكون المرء سيئ القصد أقـــــول : قولك (أمر بالتثبت حتى خبر الفاسق ، قد يصدق الفاسق) أي أن الله أمرنا بأن نتبين صدقه من كذبه وهذا حق . ولكن لما كان نادراً لم يجعل الشارع الأصل في خبر الفاسق القبول بل لابد من التبين والتثبت . وكأنك تلوح أن العدل قد يخطئ وإن كان مقبول الخبر فلابد من التثبت في خبره . أقول لك يا الأخ حفالة لقد ركبت أمراً صعباً وأزلقت نفسك مزلقاً مهلكاً ؛ إذ حقيقة قولك معارضة قول الشارع الذي أطلق قبول خبر الثقة ولم يقيده بشروطك فاتق الله في نفسك . ونحن نقول بأن العدل قد يخطئ ولكن خطأه خلاف الأصل ، والأصل صدقه فمن هنا قُبل خبره . وإلا فقل لي ما الفرق بين خبر العدل والفاسق عندك إذ أنت ساويت بينهما في التبين. وقولك (فإنه قد يؤتى الشخص من سوء فهمه ...) هذه كلها وساوس وشكوك خلاف الأصل. قال الأخ حفالة : لكن الظلم ظلمات، والكذب والافتراء لا يكون منهجا قويما، فعلى الإخوة جميعا أن المسائل ينبغي أن يقف على صدق أمرها، أما أن تلبس المسائل وتكون ليست مسائل صحيحة فلا شك أن هذا من الظلم والله يقول: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما». أقول : هذا من رد حفالة على حفالة . فأنت فيما نسبته إلي وقعت فيما حذرت منه . وليت من يزعم بأنه سلفي يراجع مواقفه تجاه إخوانه السلفيين في ليبيا فكم وقع عليهم الضرر من تصرفات ظالمة وأكاذيب باطلة ومحاربتهم بشتى الصور . فالظلم ظلمات يوم القيامة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم . قال الأخ حفالة : لكني ذكرت أن ثمت قرائن تحتاج ألا يستعجل المرء ويتأنى إذا لاح أن الذي ينقل له هذا الخبر قد يكون انطلق عن حسد أو كلام أقران أو لعداوة ظاهرة أو لأمر يلوح كقرينة، لا أنه يرد لكنه يتأنى ولا يستعجل حتى يطمئن، هذا الذي ذكرته، هذا الكلام الذي ذكرته هو نفسه تعرض إليه الشيخ أخونا أحمد بازمول -وفقه الله- لما عُرض عليه السؤال في هذا فقال: هذا من القرائن التي تجعل العالم أو طالب العلم يتأنى ولا يستعجل، هذا من القرائن، أقــــول : قد ذكرت فيما سبق نص السؤال ، وكان جوابي صريحاً في إبطال ما نسبه إلي الأخ حفالة . ولكني هنا أريد أن أوضح الفرق بين قولي الموافق لقول السلف وبين قول الأخ حفالة الباطل الذي تراجع عنه ونسبه إلي بغير حجة وبرهان ؛ وهذا من غرائبه ففي الوقت الذي يشترط شروطاً لقبول خبر الثقة فهو أول من لا يطبقه ولا يسلكه . فأنا أقول : بوجوب قبول خبر الثقة وأنه الأصل وأن اشتراط التثبت من خبر الثقة لقبوله تلاعب ومنهج باطل . وأنه إن وجدت قرائن قوية لا احتمال فيها فإن اليقين لا يزول بالظن فخبر الثقة يقين عندنا ولا يزول بمثل هذهالظنون. وأن هذا لا يكون أصلا بمعنى لا يجعل كلامالثقة دائما من باب يعني أن هناك إرادات وهناك وهناك إلى آخره .. وأما الأخ حفالة : فإنه يشترط التثبت ابتداء طلباً للقرينة وإن لم تظهر ويجعلها أصلاً وشرطاً لقبول خبر الثقة. فظهر بهذا الفرق بين كلامي الموافق للحق وكلامه المبني على الباطل . ثم يا أخ حفالة القاعدة المقررة أن كلام العالم يستدل له ولا يستدل به . فأنت تستدل بما نسبته لي بغير حق وتجعله حجتك في وقوعك في الباطل هذا أسلوب عجيب غريب . ثم ما الداعي لذكر أحمد بازمول أو غيره أنت أخطأت تراجع عما أخطأت فيه ولا تقذف ببلائك على الأبرياء . قال الأخ حفالة : ثم أنا عرضت السؤال على الشيخ ربيع بن هادي المدخلي -وفقه الله- فقال: خبر الثقة يقبل، وفهمت منه أن لا يفتح هذا الباب لإضعاف خبر الثقة ثم قال لنا: والثقة قد يخطئ وليس من شرط الثقة أن لا يخطئ، فقد يخطئ. ففهمت من الشيخ إغلاق هذا الباب، أقـــول : هذا أسلوب غير صادق ولا لائق من الأخ حفالة حيث أشَعَر أن كلامي مخالف لكلام الإمام ربيع المدخلي حفظه الله تعالى وفي الواقع أني موافق له ولمذهب السلف الصالح بحمد الله تعالى . وأراد الأخ حفالة أن يوهم السامع زيادة على ما افتراه علي بأن لازم قولي أني أضعف خبر الثقة . وهذا والله من العجائب فمن نعمة الله علي أنني حاربت هذا المنهج الباطل المتلاعب بخبر الثقة الذي كان عليه الأخ حفالة من بدايات تصدري للتدريس والتأليف بحمد الله تعالى . وأما قول الأخ حفالة (وفهمت منه أن لا يفتح هذا الباب ...) فأقول هذا ما كان يصرح به شيخنا الإمام ربيع المدخلي حفظه الله تعالى في دروسه ومؤلفاته وفتاواه ومن ذلك قوله حفظه الله تعالى : هذا المذهب الذي يسمونه بالتثبت مذهب كاذب.التثبت الذي لا يريد الوصول للحقيقة وإنما يريد رد الحق فيرد الحق ولا يتثبت فيتخذهذه حجة وليس ممن يتثبت ليصل إلى الحق والحقيقة وإنما ليرد الحق انتهى . وقول شيخنا الإمام ربيع المدخلي : والثقة قد يخطئ مراده أن الغالب إصابة الثقة فهو الأصل ، وأما خطؤه فخلاف الأصل ولابد له من حجة وبرهان . قال حفالة : فعلى هذا الذي قلته في ذلك الدرس أرجع عنه لكلام الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، وألا نفتح بابا لإضعاف الاحتجاج بخبر الثقة، فأنا صائر إلى ما قاله الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حول هذه المسألة، وقد أخبرتك أن هذا من القرائن التي أشار إليها أخونا الشيخ أحمد على أنها من القرائن التي تجعل المرء يتأنى ولا يستعجل أقــــول : هذا الكلام الباطل كما سبق يوهم فيه الأخ حفالة أن كلامي مخالف لكلام الإمام ربيع المدخلي وقد أثبت لك أن كلامي موافق لكلام الإمام ربيع المدخلي حفظه الله تعالى . وكلام الأخ حفالة (وأن هذا من القرائن التي أشار إليها أخونا الشيخ أحمد) يؤكد ما سبق وأن ما ذكرته من أن الأخ حفالة يريد أن يلصق بي القول بإضعاف خبر الثقة وأني أقول بذلك وهذا للأسف محض افتراء لا حقيقة له فأشبه الهراء . وقول الأخ حفالة (أرجع عنه) أي أرجع عن قول أحمد بازمول هو في حقيقة الأمر رجع عن قول المأربي الذي كان عليه سابقاً إلى قول أحمد بازمول الموافق لقول الإمام ربيع المدخلي حفظه الله تعالى قال الأخ حفالة : إذن فليبلغ الشاهد الغائب أني ما ذكرته في شرح الوصايا من أن قد يكون هناك قرائن وجود حسد، وجود نية سيئة، وجود عداوة فإنه يستعجل ويتأنى الذي ذكرته قد رجعت عنه إلى الأصل الأصيل وهو خبر الثقة يحتج به ويقبل، وليس من شرط الثقة ألا يخطئ، فإن الثقة قد يخطئ. هذا رجعت عنه إلى كلام الشيخ ربيع بن هادي المدخلي أقــــول : هذا يؤكد ردي السابق على كلامك الباطل سابقاً . وقد ذكرته وتراجعت عنه لكنك وقعت في نسبته لي بغير حجة وبرهان والله المستعان .
كتبه
أخوكم المحب
أحمد بن عمر بازمول
الخميس 8 رمضان 1436 هجري
Comments are closed.
|
أرشيف
December 2016
التصنيفاتالكاتب |